المنتخب والفنون،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

باب في شاهدين يشهدان في أرض أو دار ثم يدعيانها بعد ذلك

صفحة 522 - الجزء 1

  قلت: فإن شهد شاهدان مسلمان على شهادة يهودي على نصراني، هل يجوز؟

  قال: لا.

  قلت: ولم؟

  قال: لأني لا أجيز شهادة النصارى على اليهود ولا شهادة اليهود على النصارى.

  قلت: أوليس هم أهل كفر كلهم، والكفر ملة واحدة؟

  قال: أصل الكفر واحد، ولكنهم مفترقون في ذلك، ومللهم متفرقة، وإنما لم أجز شهادة بعضهم على بعض؛ لأني رأيتهم يشهد بعضهم على بعض بالكفر ويستحله، فلم آمن أن يشهد بعضهم على بعض بزور بشهادة بعضهم على بعض بالكفر واستحلال بعضهم لبعض.

باب في شاهدين يشهدان في أرض أو دار ثم يدعيانها بعد ذلك

  وسألته عن رجل اشترى من رجل داراً أو أرضاً، وشهد على ذلك شاهدان، فشهدا وأثبتا شهادتهما ثم ادعيا فيها جميعاً أو واحد منهما في هذه الأرض أو الدار جزءاً أو كلها، هل تفسد دعواهما شهادتهما أم يفسد الشراء، أم كيف العمل؟

  قال: الشراء ثابت وشهادتهما ثابتة.

  قلت: وكيف ثبتت شهادتهما وقد ادعيا فيما شهدا فيه، ولم ينكرا على المشتري وقت ما اشترى ولم ينكرا أن لهما فيها شيئاً؟

  قال: لأنهما وقت ما شهدا لم يكونا مستحقين لحق⁣(⁣١) وجب لهما، فثبتت شهادتهما للمشتري، فإذا ادعيا سألهما الحاكم البينة، فإذا أثبتا بما لهما في هذه الأرض استحقاه ورجع المشتري بثمن ما يستحق على من باعه ربعاً كان أو ثلثاً أو الكل.

  قلت: ولو كانا علما وقت ما شهدا أن لهما هذه الأرض أو بعضها فسكتا كانت أيضاً شهادتهما ثابتة؟

  قال: نعم، ليس سكوتهما يبطل حقهما ولا يفسد شهادتهما.


(١) بحق. نخ (١).