باب القول في غلام وجارية أرضعتهما مرضع بلبن ولدين لها مختلفين بينهما في الميلاد سنتان أو أكثر
  ولا بين أمه وامرأته ولا بين ما كان على ذلك من النساء؛ لأن بنت هذا الرجل لو كانت ابناً ذكراً لم تحل له امرأة أبيه؛ لقول الله سبحانه: {وَلَا تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءَابَآؤُكُم مِّنَ ٱلنِّسَآءِ}[النساء: ٢٢].
  وكذلك لو كان مكان الزوجة زوج لامرأة ولها بنت لم تحل بنتها لزوج أمها؛ لأنها ربيبته؛ لقول الله سبحانه: {وَرَبَٰٓئِبُكُمُ ٱلَّٰتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ ٱلَّٰتِي دَخَلۡتُم بِهِنَّ}[النساء: ٢٣]، وكذلك القول في جمع امرأة الرجل وأمه لو كانت امرأته رجلاً وكان هو امرأة لم يحل له أن ينكح أم امرأته؛ لقول الله سبحانه: {وَأُمَّهَٰتُ نِسَآئِكُمۡ}، وكذلك لو كانت أمه رجلاً لم تحل مرته لأبيه؛ لقول الله سبحانه: {وَحَلَٰٓئِلُ أَبۡنَآئِكُمُ ٱلَّذِينَ مِنۡ أَصۡلَٰبِكُمۡ}[النساء: ٢٣]؛ فإن صحت روايتك فقد بطل الجمع بين بنت الرجل وامرأته والجمع بين امرأة الرجل وأمه، وهذا ما لا يفسد أبداً بل هو حلال جائز حق صدق فسبحان الله ما أشد تفاوت هذا القول وأفحشه عند ذوي العقول، وأبين فساده وأشد تناقضه وأبعده من الحق والصواب، وما كان كذلك فلا يحل أن ينسب إلى رسول الله ÷ في سبب من الأسباب.
  فأما المعنى الذي نهى رسول الله ÷ له عن الجمع بين المرأة وبنت أخيها وبنت أختها فهو المعنى الذي شرحناه في أول كتابنا وذكرناه من إيجابه للحق بينهما وصلته لأرحامهما، وكراهته إلقاء القطيعة بينهما، ولم يجز الجمع بين من كان من ذوي الأرحام كذلك، وجاز الجمع بين من لم يكن ذا رحم ممن أولئك من كان له رضاع ولا رحم له يمت إلى زوجة الرجل بها، فافهم القول في ذلك كله، فقد شرحته لك بغاية شرحه، وضربت لك فيه الأمثال، وجمعت لك فيه أصول الأقوال، حتى ظهر لك غامضه، ونطق بالحق ظاهره، وكررت لك ذكر ما يدق منه في مواضع شتى، حتى بان لك بذلك أصل المعنى، وخرج قولنا فيه على الاستواء.