الكلام في أن الله لا يستحق هذه الصفات لمعان قديمة
  البياض بكونه سوادا، ماثل السواد بهذه الصفة، فصح ما قلناه.
  وأما الكلام في أن الاشتراك في صفة من صفات الذات يوجب الاشتراك بسائر صفات الذات، فقد ذكرناه في باب حدوث الأعراض فلا وجه لإعادته.
  وإذا ثبت هذا، فالقديم تعالى لو استحق هذه الصفات لمعان قديمة، لوجب أن تكون مثلا للّه تعالى، وهذا يوجب إذا كان العالم تعالى عالما قادرا لذاته، وجب أن تكون هذه المعاني أيضا قادرة عالمة وذلك محال، وأن تكون بعض هذه المعاني بصفة البعض، وأن يقع الاستغناء بأحدها عن الباقي، وذلك محال، وما أدى إليه وجب أن يكون محالا.
  فإن قبل كيف يصبح هذا الالزام، ولم يثبت لكم بعد أنه تعالى يستحق هذه الصفات لذاته، يوضح ذلك أن الاشتراك في صفة من صفات الذات وإن أوجب الاشتراك في سائر صفات الذات، لم يوجب الاشتراك في صفات المعاني. ألا ترى أن كل ما شارك الجوهر في كونه جوهرا فإنما يجب أن يشاركه في صفاته، الذاتية، نحو كونه متحيزا، ولا يجوز أن يشاركه في صفات المعاني نحو كونه متحركا وساكنا، كذلك في مسألتنا.
  والأصل في الجواب عن ذلك، أن لنا في هذا الباب مذهبين:
  أحدهما، أن نقول إن الاشتراك في صفة من صفات الذات، وإن لم يوجب الاشتراك في صفات المعاني إلا أنه يوجب الاشتراك في صحة صفات المعاني، حتى ما من جوهر مثلا وإلا وكما يجب أن يكون متحيزا، يصح أن يكون متحركا وساكنا، فهلا جوزتم أن يكون العلم مما يصح أن يعلم ويقدر ويحيا.
  والطريقة الثانية، هو أنا لم نقتصر على هذا الشق، بل ألزمنا كم الشق الثاني فقلنا: لو كان كما ذكرتموه، لوجب أن يكون القديم تعالى مثلا لهذه المعاني، هذا يوجب أن يكون اللّه تعالى بصفة العلم والقدرة والحياة تعالى اللّه عن ذلك، فيستغنى عن هذه المعاني فما ذا تنفصلون عنه.
  فإن قيل: أليس من مذهبكم أنه تعالى لا يستحق كونه قديما لذاته، فكيف أوجبتم بالاشتراك فيه التماثل والاشتراك في سائر صفات الذات؟
  قلنا: لنا في هذه المسألة مذهبان: