شرح الأصول الخمسة،

أحمد بن الحسين مانكديم (المتوفى: 420 هـ)

المعروف على قسمين:

صفحة 92 - الجزء 1

  يأمن أن يأمر بالمنكر وينهي عن المعروف.

  وإن سقط عنه هذا التكليف لفقد الشرط الثاني، وهو العلم بحضور المنكر، فلا يجب، وكما لا يجب لا يحسن.

  وإن سقط عنه لفقد الشرط الثالث، وهو العلم بأن ذلك يؤدي إلى مضرة أعظم منه كقتل جماعة من المسلمين أو إحراق محلة من محالهم، فإنه كما يسقط عنه الوجوب لا يثبت الحسن أيضا.

  وإذا سقط عنه ذلك لفقد الشرط الرابع، وهو العلم بأن لقوله فيه تأثيرا، فإن ذلك مما قد اختلفوا فيه، فقال بعضهم إنه يحسن، لأنه بمنزلة استدعاء الغير إلى الإسلام، وقال الآخرون إنه يكون عبثا قبيحا.

  وإذا سقط ذلك عنه لفقد الشرط الخامس، وهو العلم بأن ذلك يؤدي إلى مضرة في نفسه أو ماله، فالكلام فيه ما ذكرناه من قبل.

المعروف على قسمين:

  ثم قال |: إن المعروف على قسمين:

  أحدهما: واجب، والآخر: ليس بواجب.

  فالأمر بالواجب واجب، وبالنافلة نافلة. وهذا إنما أخذ عن أبي علي، لأن المشايخ من السلف أطلقوا القول في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلى أن جاء شيخنا أبو علي، وقسم المعروف إلى هذين القسمين، وجعل الأمر بالواجب واجبا، وبالنافلة نافلة، وهو الصحيح، لأن حال الأمر لا يزيد في الوجوب والحسن على حال المأمور به. هذا في المعروف.

المنكر كله في باب واحد في أنه يجب النهي عنه:

  وأما المنكر، فكله من باب واحد في أنه يجب النهي عن جميعه عند استكمال الشرائط. وليس لقائل أن يقول إن من المناكير ما يكون صغيرة، فكيف يلزم النهي عنها، لأنه ما من صغيرة إلا ويجوزها كبيرة.

  وبعد فإن النهي عن المنكر إنما وجب لصحته، والقبح ثابت في الصغيرة شأنه في الكبيرة.