شرح الأصول الخمسة،

أحمد بن الحسين مانكديم (المتوفى: 420 هـ)

شبه المخالفين وللمخالف في هذا الباب شبه:

صفحة 323 - الجزء 1

  الجمع بينهما، هو لأن سكون النفي في أحدهما، كسكون النفي في الآخر، فهذه جملة الكلام في ذلك.

شبه المخالفين وللمخالف في هذا الباب شبه:

  من جملتها، قولهم: إن الكفار أذنبوا فلهذا يحسن تعذيب أطفالهم.

  قلنا: إن تعذيب الغير من غير ذنب ظلم، واللّه يتعالى عن أن يفعل الظلم وقد نوه نفسه عن ذلك بقوله: {وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى}⁣[الأنعام: ١٦٤] وقال: {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً}⁣[الكهف: ٤٩].

  وبعد، فلو كان الأمر كما ذكرتموه لكان يجب أن يعذبوا في الدنيا بذنوب آبائهم، وقد علم خلافه.

  وربما يوردون هذا الكلام على وجه آخر فيقولون: إن الولد كالجزء من الوالد، فلذلك يحسن تعذيبه بذنب والده. قيل له: إن هذا خلف من الكلام وخطل من القول، إذ لا شبهة في كونهما حيين متغايرين، ولا يألم أحدهما بألم الآخر ولا يلتذ هو به، ولو أمكن هذا في دار الآخرة لأمكن مثله في دار الدنيا، فكان يجب أن يجلد الولد بتصرف والده، وأن تقطع يده بسرقته، ومعلوم خلافه.

  ومما يتعلقون به، قولهم: إن تعذيب أولاد الكفرة كتعذيب آبائهم، لأن الكافر إذا رأى قرة عينه يعذب بين أطباق النيران كان أشد عليه من أن يعذب نفسه، فيحسن تعذيبهم لهذا الوجه. وجوابنا: أنه وإن كان على ما ذكرته إلا أنه لا يخرج من أن يتضمن تعذيب من لا ذنب له، وتعذيب من لا ذنب له قبيح، واللّه تعالى لا يفعل القبيح على ما مر.

  وبعد، فلو جاز ذلك في الآخرة للعلة التي ذكرتموها لجاز في دار الدنيا مثله، فكان يجب إذا زنا أبوه أن يرجم هو، وإذا سرق أن تقطع يده، وإذا قذف أن يجلد، وقد عرف خلاف ذلك.

  وأحد ما يقولونه، أنه تعالى إذا علم من حالتهم أنهم إذا بلغوا كفروا ويحسن تعذيبهم. وجوابنا: أن هذا ثابت في أطفال المسلمين فيجب أن يحسن تعذيبهم، ومعلوم خلافه.

  وبعد، فإذا جوزتم أن اللّه تعالى يعذب أطفال المشركين لأنه علم من حالتهم