شرح التثليث والرد عليه:
  ومتى قالوا: أليس قال تعالى في كتابكم: {اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ}[النور: ٣٥] وهذا هو مرادنا، قلنا: لا تعلق لكم بكتاب اللّه تعالى، لأن الاستدلال بكتابه ينبني على القول بتوحيده وعدله وأنتم لا تقولون بذلك. ثم إن المراد بقول اللّه تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} أي منور السماوات والأرض، فذكر الفعل وأراد به الفاعل وهذا كثير في كلامهم. ألا ترى أنهم يقولون: رجل صوم وعدل ورضي. والذي يؤكد هذا أنه أضاف النور إلى نفسه فقال: {مَثَلُ نُورِهِ}[النور: ٣٥] وهذا يقتضي أن يكون النور غيره ولن يكون ذلك كذلك إلا وما قلناه على ما قلناه.
فصل: في الكلام على النصارى
  اعلم أن مذهب النصارى لا يكاد يتحصل على ما ذكره النوبختي في كتاب «الآراء والديانات»، وكفى بالمذهب فسادا أن يصعب على العلماء ضبطه، خاصة على مثل هذا الرجل. فقد كان المشار إليه في معرفة المذاهب، والكلام منهم يقع في موضعين:
  أحدهما: في التثليث، فإنهم يقولون: إنه تعالى جوهر واحد، وثلاثة أقانيم:
  أقنوم الأب، يعنون به ذات الباري عز اسمه: وأقنوم الابن، أي الكلمة، وأقنوم روح القدس، أي الحياة. وربما يغيرون العبارة فيقولون إنه ثلاثة أقانيم ذات جوهر واحد.
الاتحاد:
  والموضع الثاني في الاتحاد: فقد اتفقوا على القول به، وقالوا: إنه تعالى اتحد بالمسيح فحصل للمسيح طبيعتان: طبيعة ناسوتية، وأخرى لاهويتة.
رأى اليعقوبية والنسطورية في الاتحاد:
  ثم اختلفوا فيه، فقال بعضهم: إنه إذا اتحد به ذاتا حتى صار ذاتا هما ذاتا واحدة، وهم اليعقوبية. وقال: الباقون وهم النسطورية: لا بل اتحدا مشيئة، على معنى أن مشيئتهما صارت واحدة، حتى لا يريد أحدهما إلا ما يريده الآخر. ونحن نفسد كلامهم في الموضعين جميعا بعون اللّه تعالى.
شرح التثليث والرد عليه:
  أما الكلام عليهم في التثليث فهو أن يقال: إن قولكم أنه تعالى جوهر واحد ثلاثة