فصل في أحكام العوض وما يتصل بذلك.
  فلا يمكن قياس أحدهما على الآخر.
فصل في أحكام العوض وما يتصل بذلك.
  وجملة ذلك أنه لما مر قطعة من الكلام في الآلام، أردفه | بالكلام في العوض.
  وقبل الشروع في المسألة نذكر حقيقة العوض، لأن من البيع أن نذكر حكم الشيء ولا ندري ما هو.
  اعلم، أن العوض كل منفعة مستحقة لا على طريق التعظيم والإجلال، ولا يعتبر فيه الحسن وغير ذلك لكي يضطرد وينعكس ويشمل ويعم، وصار الحال فيه كالحال فينا إذا سئلنا عن حقيقة العبادة، فقلنا: هي النهاية والغاية في التذلل والخضوع للغير، ولا يعتبر فيه الحسن لكي يشتمل على سائر العبادات، عبادة الرحمن وعبادة الشيطان جميعا، وذلك مما لا بد منه ولأن من حق الحد أن يكون جامعا مانعا لا يخرج منه ما هو منه، ولا يدخل فيه ما ليس منه.
  إذا ثبت هذا، فاعلم أنه لا يحسن من اللّه تعالى أن يؤلمنا من غير اعتبار رضانا إلا إذا كان في مقابلته القدر الذي لا تختلف أحوال العقلاء في اختيار ذلك الألم لمكانه، لأن المعلوم أن أحدنا لا يختار أن يمزق عليه ثوبه لكي يقابل بثوب مثله، أو ما يزيد عليه زيادة متقاربة، وإذا لم يحسن ذلك في الشاهد فكذلك في الغائب.
العوض عند أبي هاشم لا يستحق على طريق الدوام
  وإذا صحت هذه الجملة، فاعلم أن العوض لا يستحق على طريق الدوام عند أبي هاشم، وهو الصحيح، خلاف ما يقوله أبو علي وأبو الهذيل وقوم من البغدادية، ويحكى عن الصاحب الكافي أيضا أنه قال: يستحق على طريق الدوام، وحكى عن أبي علي الرجوع عنه إلى ما ذكرناه.
  والذي يدل على صحته، هو أن نظير العوض في الشاهد قيم المتلف وأروش الجنايات، ومعلوم أن ذلك لا يستحق على طريقة الدوام، فإن من مزق على غيره ثوبه لا يلزمه أن يعطيه كل يوم ثوبا جديدا، وأيضا فلو كان كذلك لكان يجب أن لا يحسن في الواحد منا تحمل المشاق طلبا للأرباح والمنافع المنقطعة، ومعلوم خلاف ذلك.