الشبه العقلية:
  لوجب أن يتعذر علينا التصرف البتة حتى لا يمكننا تحريك أيدينا، والمعلوم خلاف ذلك فليس إلا أن في العالم خلاء على ما نقوله.
  فإن قيل: ما أنكرتم أن أحدنا إنما لا يمكن فعل الجسم لمنع آخر؟ قلنا: لا منع إلا ويصح ارتفاعه، فكان يجب صحة أن يفعل الجسم في بعض الحالات لارتفاع ذلك المنع، وقد عرف خلافه. فهذا هو الكلام على من خالف من جهة المعنى.
الخلاف في المسألة عن طريق العبارة.
  وأما من خالف من جهة العبارة، فقال: إنه تعالى جسم على معنى أنه قائم بذاته، فقد مر من الكلام عليه شطر، والذي نذكره هاهنا هو أنهم يستعملون من هذه اللفظة لفظة أفعل، ولفظة أفعل إنما تستعمل فيما يقبل التزايد، وكونه قائما بذاته مما لا يقبل التزايد لأن المرجع به إلى أنه لا يحتاج في وجوده إلى غيره، وهذا نفي، والنفي لا يصح دخول التزايد فيه، وهذه طريقة معتمدة، والأولى من هذه الطريقة والأحسم للشغب أن نقول: إن الجسم هو الطويل العريض العميق، ولا يجوز أن يسمى بذلك إلا من كان طويلا عريضا عميقا، واللّه تعالى ليس كذلك، فلا يجوز وصفه به.
الشبه: سمعية، عقلية.
  وللمخالف في هذا الباب شبه من جهة السمع والعقل.
الشبه العقلية:
  أما شبههم من جهة العقل:
  قالوا: قد ثبت أنه تعالى عالم قادر، والعالم القادر لا يكون إلا جسما، دليله الشاهد. وربما يغيرون العبارة فيقولون: إن من صح أن يعلم ويقدر مفارق لمن لا يصح أن يعلم ويقدر مفارقة الجسم للعرض. والقديم تعالى ممن يصح أن يعلم ويقدر، فيجب أن يكون جسما.
  والأصل في الجواب عن ذلك، أن الواحد منا إذا كان عالما قادرا يجب أن يكون جسما لعلة، تلك العلة مفقودة في حق القديم تعالى، وهو أن أحدنا عالم بعلم وقادر بقدرة. والعلم والقدرة يحتاجان في الوجود إلى محل مبني مبنية مخصوصة، والمحل المبني على هذا الوجه لا بد من أن يكون جسما، وليس كذلك القديم تعالى