شرح الأصول الخمسة،

أحمد بن الحسين مانكديم (المتوفى: 420 هـ)

اعتراض البعض وقبول البعض لتحديد العلم الضروري:

صفحة 23 - الجزء 1

  نقتصر على أحد الشقين ليكون الحد تجنبا عن التكرار واللغو أو تحديد آخر.

اعتراض البعض وقبول البعض لتحديد العلم الضروري:

  وقد حد العلم الضروري بأنه:

  العلم الذي لا يمكن العالم نفيه عن نفسه بشك ولا شبهة، وإن انفرد.

  وهذا الحد قد صححه بعضهم، واعترضه الباقون.

قول المؤيدين لحد العلم الضروري:

  وعلى كل حال، فقوله: وإن انفرد، احتراز عن العلم المكتسب إذا قارنه العلم الضروري، فإنه والحال هذه لا يمكن نفيه عن النفس بشك ولا شبهة وإن كان مكتسبا، لأن هذه القضية إنما وجبت فيه لمقارنة العلم الضروري، فلولا هذا الاحتراز لانتقض الحد، ولا نقض مع اعتباره.

قول المعارضين للحد:

  ومن لم يعتمد هذا الحد، جعل الاعتراض عليه أن النفي إنما يتصور في الباقيات، والعلوم عندكم مما لا يبقى، فكيف صح ما ذكرتموه في الحد؟ ويمكن أن يجاب عنه، فيقال: لسنا نعني بالنفي الذي ذكرناه إلا أن أحدنا لا يمكنه أن يخرج نفسه عن استمرار كونه عالما، إلا بالنفي الذي يتصور في الباقيات.

  وربما يقال: قد ذكرتم في الحد الشك، والشك ليس بمعنى عندكم. وجوابه: أن لفظة الشك لو حدثت جاز ولم يخل بالحد، وإذا ذكرت فلأن أكثر العلماء ذهبوا إلى أنه معنى.

  وقد حد العلم الضروري بأنه العلم الذي لا يمكن العالم به نفيه عن النفس بوجه من الوجوه، وهذا صحيح.

  واتصل بهذا الكلام في أقسام العلوم الضرورية.

أقسام العلوم الضرورية:

  والأصل في ذلك، أن العلم الضروري ينقسم إلى ما يحصل فينا مبتدأ، وهو كالعلم بأحوال أنفسنا من كوننا مريدين وكارهين ومشتهين ونافرين وظانين ومعتقدين وما شاكل ذلك، وإلى ما يحصل فينا عن طريق، أو ما يجري مجرى الطريق.