للقادر حالتان: حالة يصح منها الفعل وأخرى لا يصح:
  وأيضا، فإن اعتدال المزاج يرجع إلى أمور متضادة، فكيف تؤثر في حكم واحد؟
  وأما زوال الأسقام فإنه نفي، فكيف يعلق به هذا الحكم؟ وبعد فقد يقع في زوال الأسقام الاشتراك، فكان يوجب الاشتراك فيه الاشتراك في القدرة على ذلك المقدور، فليس إلا أن يقال إن صحة الفعل وقوعه إنما هو لكونه قادرا، وكونه قادرا لا يصح إلا بالقدرة، فثبتت القدرة بهذه الطريقة.
شبهة البغداديين:
  وشبهة البغداديين في ذلك، هو أن أحدنا إذا كان صحيح البدن يصح منه الفعل، ومتى لم يكن صحيح البدن لم يصح، فيجب أن تكون صحة الفعل مستندة إلى الفعل.
  إنما وجب ما ذكروه في الواحد منا لأنه قادر بقدرة، والقدرة محتاجة في وجودها إلى محل مبني بنية مخصوصة، وهذه البنية إنما ثبتت عند ثبات الصحة دون زوالها فلا يجب لهذه العلة أن تستند صحة الفعل إليها. لولا ذلك وإلا كان يجب إسنادها إلى كونه حيا، فإنه ما لم يكن حيا لم يصح منه الفعل، لأن كونه قادرا يترتب عليه، فكما أن هذا لا يجب كذلك في مثلنا.
اختلاف في الأسماء الدالة على القدرة والمعنى واحد:
  واعلم أن الأسماء تختلف عليها، فتسمى قوة واستطاعة وطاقة، وإن كانت الطاقة إنا تستعمل فيما يوصل إليها، ولهذا لا يقال إنه تعالى مطيق لاستحالة المشقة عليه.
  علامة اتفاق هذه الألفاظ في المعنى، أنك لو أثبت ببعضها ونفيت بالبعض لتناقض الكلام.
للقادر حالتان: حالة يصح منها الفعل وأخرى لا يصح:
  ثم إن القادر له حالتان: حالة يصح منه إيجاد ما قدر عليه، وحالة لا يصح ذلك، والأسماء تختلف عليه بحسب اختلاف هاتين الحالتين، ففي الحالة الأولى يسمى مطلقا مخلّى، وفي الثانية يسمى ممنوعا.
  ثم إن الممنوع لا يكون ممنوعا إلا بمنع، والمنع هو ما يتعذر على القادر لمكانة الفعل على وجه لولاه لما تعذر وحالته تلك، ثم إنه لا يخلو، إما أن يكون بطريقة القيد والحبس، وذلك كأن يحبس أحدنا ويقيد فلا يتأتى منه المشي، وإما أن يكون