شرح الأصول الخمسة،

أحمد بن الحسين مانكديم (المتوفى: 420 هـ)

فصل

صفحة 449 - الجزء 1

  النبي ، وليس هكذا وعيد الفساق، ولهذا كفرتم المتوقف في وعيد الكفار ولم تكفروا المتوقف في وعيد الفساق.

  قيل له: إن ذلك مما لا يقدح مما أوردناه، بل يزيد الإلزام تأكيدا، فالواجب أن يتركوا المذهب الذي يقتضيه.

  ثم يقال لهم: هب أن هذا معلوم من دين النبي # ضرورة، فمن أين علمه النبي # حتى يتدين به.

  فإن قالوا: اضطرارا من قصد جبريل نقلنا معهم الكلام إليه، وإن قالوا: اضطر هو إلى قصد اللّه قلنا: إن هذا لا يصح، والدار دار تكليف.

  ومتى قالوا: إن جبريل علم ذلك من حيث زاد اللّه تأكيدا حتى قطع، لما كان ذلك التأكيد على المراد به.

  قلنا: ما من تأكيد إلا وهو معرض للاحتمال، فكيف يمكن ذلك، ولا محيص للمرجئة عن هذا الكلام؟

  فإن قيل: إنه تعالى كما توعد العصاة بالعقاب فقد وعد المطيعين بالثواب والفاسق يستحق الأمرين جميعا، فلم يكن بالدخول في عمومات الوعيد أولى من الدخول في عمومات الوعد، فيتوقف فيه، إن لم يقطع على أنه بفضله وسعة جوده وكرمه يدخله الجنة.

  قيل له: فكيف يصح القول بأن الفاسق مستحق للثواب، ولو كان كذلك لكان لا يستحق معه العقاب، وقد دللنا على استحقاقه للعقوبة، وبينا أن السارق إذا سرق عشرة دراهم من حرز على الشروط المعتبرة في هذا الباب، وظفر به الإمام وهو مصر على ذلك، قطع يده بالآية على سبيل الجزاء والنكال، ولن يكون ذلك كذلك إلا وما كان يستحقه من الثواب بطاعاته قد سقط بارتكابه الكبيرة، فهذه جملة ما نقوله في هذا الفصل.

فصل

تخليد الفاسق بالنار:

  وقد أورد | بعد هذه الجملة الكلام في أن الفاسق يخلد في النار ويعذب