شرح الأصول الخمسة،

أحمد بن الحسين مانكديم (المتوفى: 420 هـ)

الرد على الإمامية فيما خالفوا فيه حول القرآن

صفحة 405 - الجزء 1

  باب الثواب أدخل، وذلك شائع، فإن القديم تعالى إذا كان غرضه بالتكليف أن يعرضنا به إلى درجة لا تنال إلا بالتكليف، فكل ما كان أدخل في معناه كان أحسن لا محالة.

  والثالث: أنه تعالى أراد أن يكون القرآن في أعلى طبقات الفصاحة ليكون علما دالا على صدق النبي #، وعلم أن ذلك لا يتم بالحقائق المجردة، وأنه لا بد من سلوك طريقة التجوز والاستعادة، فسلك تلك الطريقة ليكون أشبه بطريقة العرب، وأدخل في الإعجاز.

  وهذه الوجوه كلها في غاية الحسن، ويكفيك الجواب الأول في دفع سؤال الملحدة، فإن الأصل أن لا نكالمه في مسائل العدل وفي أفعال اللّه المحتملة، وهو ينازعك في حدوث الأجسام وإثبات الصانع.

حقيقة المحكم والمتشابه

  ونذكر بعد ذلك حقيقة المحكم والمتشابه، فالمحكم ما أحكم المراد بظاهره، والمتشابه ما لم يحكم المراد بظاهره بل يحتاج في ذلك إلى قرينة، والقرينة إما عقلية أو سمعية، والسمعية إما أن تكون في هذه الآية، إما في أولها أو آخرها، أو في آية أخرى من هذه السورة أو من سورة أخرى، أو في سنة رسول اللّه وعلى آله وسلم من قول أو فعل، أو في إجماع من الأمة، فهذه حال القرينة التي نعرف بها المراد بالمتشابه ونحمله على المحكم. ومشايخنا رحمهم اللّه، قد بذلوا الجهد في إحكام هذه الأصول بما يضيق عنه هذا الموضع، فلهذا اقتصرنا على هذا المقدار واللّه ولي التوفيق.

الرد على الإمامية فيما خالفوا فيه حول القرآن

  ونتبع هذه الجملة بخلاف من خالفنا في القرآن، ففيه أنواع من الخلاف.

  منها خلاف جماعة من الإمامية الروافض، الذين جوزوا في القرآن الزيادة والنقصان وقالوا: إنه كان على عهد رسول اللّه أضعاف ما هو موجود فيما بيننا، وحتى قالوا: إن سورة الأحزاب كانت بحمل جمل، وأنه قد زيد فيه ونقص وغير وحرف. وما أتوا في ذلك إلا من جهة الملحدة الذين أخرجوهم من الدين من حيث لا يعلمون.

  والذي يدل على فساد مقالتهم هذه، أن القرآن لو كان يجوز عليه الزيادة