هذا التعريف أولى من التعريف الذي أورده في العمد:
هذا التعريف أولى من التعريف الذي أورده في العمد:
  والأصل في ذلك، أن المعرفة والدراية والعلم نظائر، ومعناها: ما يقتضي سكون النفس، وثلج الصدر، وطمأنينة القلب.
  وهذا أولى مما أورده في العمد: أنه الاعتقاد الذي تسكن به النفس إلى أن معتقده على ما اعتقده عليه، لأن العلم إنما يتبين عما عداه بما ذكرناه، فيجب الاقتصار عليه ويحذف ما سواه.
العلم غير الاعتقاد:
  وبعد، فإن ما أورده في العمد فيه لفظ الاعتقاد، والعلم لا يبين عما ليس بعلم بكونه اعتقادا، فإن غير العلم يشارك فيه وهو اعتقاد التقليد والتبخيت، ولأن فيه لفظ المعتقد، وفي العلوم ما لا معتقد له، كالعلم بأن لا ثاني مع اللّه تعالى، وأن لا بقاء، ولأن العلم بالحد ينبغي أن يكون علما بالمحدود، لأنهما عبارتان تقعان على معنى واحد، والمستفاد بأحدهما هو المستفاد بالآخر، فيجب فيمن علم أحدهما أن يعلم الآخر، ومعلوم أن في الناس من علم علما وإن لم يعلمه اعتقادا، كأبي الهذيل وأصحابه.
معنى سكون النفس:
  فإن قيل: ما المراد بسكون النفس؟ قلنا: التفرقة التي يجدها الواحد منا من نفسه إذا رجع إليها، بين أن يعتقد كون زيد في الدار مشاهدة، وبين أن يعتقد كونه فيها لخبر واحد من أفناء الناس، فإنه يجد في إحدى الحالتين مزية وحالا لا يجدهما في الحالة الأخرى، تلك المزية هي التي عبرنا عنها بسكون النفس.
صلة السكون الحقيقي بمعنى سكون النفس:
  فإن قيل: السكون إنما يستعمل حقيقة في المعنى الذي يضاد الحركة ويعاقبها، فكيف يجوز تحديد العلم به.
  قلنا: أقصى ما في الباب أن يكون هذا تحديدا بالمجاز، وذلك سائغ، لأن الغرض بالحد دائما إنما هو الكشف والإبانة عن حال المحدود، فمتى حصل هذا الغرض بالمجاز صار كما لو حصل بالحقيقة، وصار هذا كما نقوله في النظام، فإنه إنما يستعمل حقيقة من جوهرين، ثم يحد به الكلام، فيقال: الكلام ما انتظم من