شرح الأصول الخمسة،

أحمد بن الحسين مانكديم (المتوفى: 420 هـ)

فصل والغرض به الكلام في أن الله تعالى قادر

صفحة 97 - الجزء 1

  الكلام في الصفات

فصل والغرض به الكلام في أن اللّه تعالى قادر

  اعلم، أن أول ما يعرف استدلالا من صفات القديم جل وعز إنما هو كونه قادرا، وما عداه من الصفات يترتب عليه. لأن الدلالة التي دلت على أنه تعالى هو المحدث للعالم، دلت على هذه الصفة التي هي كونه تعالى قادرا من غير واسطة.

  وليست كذلك باقي الصفات، لأنا نحتاج فيها إلى واسطة أو واسطتين أو وسائط، فلهذا قدمنا الكلام فيه.

  وتحرير الدلالة على ذلك، هو أنه تعالى قد صح منه الفعل، وصحة الفعل تدل على كونه قادرا.

  فإن قيل: الدلالة هي صحة الفعل أو وقوعه، قلنا: بل الدلالة هي صحة الفعل، لأنه لو وقع لا على طريق الصحة بل على طريق الوجوب، لم يدل على كونه قادرا.

  وهذه الدلالة مبنية على أصلين، أحدهما، أنه تعالى قد صح منه الفعل، والثاني، أن صحة الفعل تدل على كونه قادرا.

  أما الذي يدل على أنه تعالى قد صح منه الفعل، فهو أنه وقع منه الفعل، وهو أجسام العالم وكثير من الأعراض، ولو لم يصح لم يقع، إذ الوقوع أمر زائد على الصحة.

  وأما الذي يدل على أن صحة الفعل دلالة على كونه قادرا، فهو أن نرى في الشاهد جملتين، إحداهما، صح منه الفعل كالواحد منا، والأخرى تعذر عليه الفعل، كالمريض المدنف. فمن صح منه الفعل فارق من تعذر عليه بأمر من الأمور، وليس ذلك إلا صفة ترجع إلى الجملة وهي كونه قادرا. وهذا الحكم ثابت في الحكيم تعالى، فيجب أن يكون قادرا لأن طريق الأدلة لا تختلف شاهدا غائبا.

شبهات وردود

  فإن قيل: قد وجدتم كثيرا من المفارقات ولا تعللونه، فهلا ألحقتم هذه المسألة