إذا لزم النظر ففيم النظر؟
  أنه خلقه وقصد بهذه المنافع نفعه شكره، وإلا لم يلزمه شكره. فعلى هذا يجري القول في هذا الفصل.
إذا لزم النظر ففيم النظر؟
  فصل: فإن قيل: إذا لزمك النظر ففيم تنظر؟ لما بين | وجوب النظر وأنه أول الواجبات. وعطف عليه الكلام في أول نعمة أنعم اللّه تعالى بها علينا، إذ أراد أن يبين الطريق الذي يتوصل بالنظر فيه إلى العلم باللّه تعالى.
  والأصل أن الطريق إلى العلم بالغير إذا لم يكن معلوما ضرورة، إنما هو الدلالة، وهو الدليل سواء، ومعناهما ما إذا نظر الناظر فيه أوصله إلى العلم بالغير إذا كان واضعه وضعه لهذا الوجه.
  ولا بد من اعتبار هذين الشرطين؛ أما الأول فلا بد منه، ولهذا فإن سقوط الثلج في وقته لما لم يمكن التوصل به إلى نبوة محمد ﷺ لم نقل إنه دلالة على نبوته، وقيل في القرآن إنه دليل على ذلك لما أمكن التوصل به إلى العلم بنبوته؛ وأما الشرط الثاني فلا بد منه أيضا، ولهذا لا يقال في أثر اللص إنه دلالة عليه وإن أمكن الاستدلال به على موضعه لما لم يصنعه لهذا الوجه، بل استفرغ الوسع وبذل الجهد في إخفاء نفسه.
أنواع الدلالة، وكون معرفة اللّه لا تنال إلا بالعقل
  وإذ قد عرفت ذلك، فاعلم: أن الدلالة أربعة: حجة العقل، والكتاب، والسنة، والإجماع. ومعرفة اللّه تعالى لا تنال إلا بحجة العقل.
  فإن قيل: ولم قصرتم الأدلة على هذه الأربعة؟ ثم لم قلتم إن معرفة اللّه تعالى لا تنال إلا بحجة العقل؟
  قلنا: أما الأول: فلأن الدليل هو ما إذا نظر الناظر فيه أوصله إلى العلم بالغير، وهذه حال هذه الأربعة دون ما عداها.
  فإن قيل: أليس القياس وخبر الواحد دلالة على الأحكام الشرعية عندكم فهلا عددتموه فيها؟
  قلنا: إنه يدخل تحت الإجماع أو الكتاب أو السنة، فلا يجب إفراده بالذكر.
  وأما الثاني: وهو الكلام في أن معرفة اللّه تعالى لا تنال إلا بحجة العقل، فلأن