شرح الأصول الخمسة،

أحمد بن الحسين مانكديم (المتوفى: 420 هـ)

فصل في المستحق للعوض والمستحق عليه

صفحة 340 - الجزء 1

فصل في المستحق للعوض والمستحق عليه

  وجملة ذلك هو أن المستحق للعوض لا يخلو، إما أن يكون مكلفا أو غير المستحق للعوض مكلف.

  فإن كان مكلفا فلا يخلو، إما أن يكون من أهل الثواب أو من أهل العقاب.

  فإن كان من أهل الثواب فلا يخلو، إما أن يكون مستحقا على اللّه تعالى، أو يكون مستحقا على غير اللّه تعالى. فإن استحقه على اللّه تعالى. فإنه تعالى يوصله إليه ويوفره عليه بتمامه وكماله مفرقا على الأوقات، بحيث يقع الاعتداد به، على ما مر.

  وإن استحقه على غير اللّه تعالى، فإنه تعالى يأخذ من ذلك الغير العوض مكلفا كان أو غير مكلف، ويوفره عليه بحيث لا يكون لأحد منهما كلام.

  وإن كان من أهل العقاب فلا يخلو، إما أن يستحق العوض على اللّه تعالى أو على غيره، فإن استحقه على اللّه تعالى فإنه يوفره اللّه تعالى عليه إما في دار الدنيا وإما في دار الآخرة، قبل دخول النار أو بعدها، بحيث لا يقع له الاعتداد به ولا يلحقه بذلك سرور ولا فرح، خلاف ما قاله أبو علي من أن بالعقاب يسقط العوض وينحبط.

  وإن استحقه على غير اللّه تعالى، فإنه تعالى يأخذ من المستحق عليه مكلفا كان أو غير مكلف، ويوصله إليه على الوجه الذي ذكرناه.

  هذا إذا كان الكلام في المكلف، فأما إذا كان في غير المكلف فلا يخلو، إما أن يستحق العوض على اللّه تعالى أو على غيره. فإن استحقه على اللّه تعالى يوفر عليه بكماله وتمامه، وإذا انقطع عوضه نقله إلى صورة يلتذ أهل الجنة بالنظر إليها على ما مر، وإن كان الأقرب أنه تعالى يديم الفضل عليه بعد ذلك، فقد اتفقت الأمة على أن لا موت بعد الحشر.

  هذا هو القول في المستحق للعوض.

المستحق عليه العوض

  وأما المستحق عليه فلا يخلو، إما أن يكون هو اللّه تعالى أو غيره، فإن كان اللّه تعالى فإنه يوفر على المستحق ما يستحق من عنده، وإن كان من غيره فإنه تعالى يأخذ منه العوض ويوفره على المستحق، سالكا في ذلك طريقة الانتصاف، فحال القديم تعالى في هذا الباب كحال ولي الأيتام، فكما أنه إذا وقعت منه جناية قابلها بالأرش،