شرح الأصول الخمسة،

أحمد بن الحسين مانكديم (المتوفى: 420 هـ)

كلام يخص المرقيونية:

صفحة 192 - الجزء 1

تخصيص في الرد على الديصانية:

  وهكذا الكلام على الديصانية يكون، غير أنا نخصهم بوجه آخر فنقول: إن الظلمة إذا كانت فاعلة لا بد من أن تكون قادرة، وإذا كانت قادرة لا بد أن تكون حية، فكيف يصح قولكم: إنها موات؟

كلام يخص المرقيونية:

  وأما المرقيونية فالكلام عليهم مثل الكلام على أولئك، ووجه آخر يخصهم، وذلك الوجه هو أن نقول: إن هذا الثالث إذا كان قديما وجب أن يكون مثلا لهما، لأن القدم صفة من صفات النفس، والاشتراك فيها يوجب التماثل، وهذا يوجب أن يكون مثلا للنور والظلمة جميعا، فإذا كان أحدهما قادرا على الخير وجب أن يكون الآخر أيضا قادرا عليه، ووجب أيضا أن يكون الثالث قادرا عليه، وهذا يؤذن بوقوع الاستغناء به عنهما.

  وأما الكلام على المجوس الذين يقولون بحدوث أهرمن، فهو أن يقال لهم: إن يزدان إذا جاز أن يخلق ما هو أصل لكل شر، فهلا جاز أن يخلق الشر بنفسه من دون واسطة، وليس يمكنهم أن يقلبوا ذلك علينا فيقولوا: أليس اللّه عندكم خلق الشيطان وهو أصل لكل شر، فلم لا يجوز أن يخلق الشر بنفسه، لأنا لم نقل: إن الشيطان موجب للشر وأنه مطبوع عليه، بل هو قادر على الخير قدرته على الشر، إن شاء اختار هذا وإن شاء اختار ذلك، فلا يلزمنا ما ألزمناكم. وإن لزم هذا فإنما يلزم إخوانكم المجبرة، لأنهم يقولون إن القدرة موجبة، وأن المؤمن لا يقدر إلا على الإيمان، والكافر لا يقدر إلا على الكفر، وهذا هو أحد وجوه المضاهاة بين مذهب المجبرة وبين مذهب المجوس لأنهم يقولون: النور مطبوع على الخير ولا يقدر على الشر البتة، والظلمة مطبوعة على الشر ولا تقدر إلا عليه. وهذا مذهب القوم بعينه.

  ووجه آخر من المضاهاة بين المذهبين، هو أنهم يقولون: إن مزاج العالم حصل بفاعلين بالنور والظلمة، وأنه حسن من جهة النور، قبيح من جهة الظلمة. وهذا هو مذهب القوم لأنهم يقولون: إن الكفر حاصل بفاعلين باللّه تعالى وبالعبد، وهو حسن من جهة اللّه قبيح من جهة العبد.

  ووجه آخر من المضاهاة، هو أن المجوس يستحسنون الأمر بما لا يقدر عليه، والنهي عما لا يمكن الانفكاك عنه. فإنهم ربما يصعدون ببقرة إلى موضع عال،