ما يلزم المكلف معرفته
  وجدت تعلقت، ومتى عدمت زال تعلقها فيجب مثله في القديم تعالى.
  وقد استدل قاضي القضاة على المسألة بأن قال: قد ثبت أنه تعالى قادر، والقادر لا يصح منه الفعل إلا إذا كان موجودا، كما أن القدرة لا يصح الفعل بها إلا وهي موجودة، وهذا إن لم يبن على ما ذكرناه، لم يصح الاعتماد عليه.
ما يلزم المكلف معرفته
  ثم إنه رحمه [اللّه](١) أورد في آخر هذا الفصل ما يلزم المكلف معرفته في هذا الباب.
  وجملة القول في ذلك هو أن تعلم أنه تعالى كان موجودا فيما لم يزل، ويكون موجودا فيما لا يزال، ولا يجوز خروجه عنها بحال من الأحوال. ولا تحتاج في هذا الباب إلى مثل ما احتجت إليه في باب كونه قادرا وعالما، لأن ذلك من فرع التعلق، وصار الحال في هذا كالحال في كونه تعالى حيا.
  أما الذي يدل على أنه تعالى كان موجودا فيما لم يزل، فهو أنه تعالى لو لم يكن موجودا فيما لم يزل وحصل كذلك بعد إذ لم يكن، لاحتاج إلى موجد يوجده، وذلك محال.
  وأما الذي يدل على أنه تعالى يكون موجودا فيما لا يزال، فهو أنه يستحق هذه الصفة لذاته، والموصوف بصفة من صفات الذات لا يجوز خروجه عنها بحال من الأحوال، فهذه جملة الكلام في هذا الفصل.
فصل والغرض به الكلام في كونه تعالى قديما
  وقبل الدلالة على ذلك، فاعلم:
  أن القديم في أصل اللغة هو ما تقادم وجوده، ولهذا يقال بناء قديم، ورسم قديم، وعلى هذا قوله تعالى: {حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ}[يس: ٢٩].
  وأما في اصطلاح المتكلمين، فهو ما لا أول لوجوده، واللّه تعالى هو الموجود الذي لا أول لوجوده، ولذلك وصفناه بالقديم.
(١) زيادة من المصحح.