القدرة متعلقة بالمتماثل والمختلف والمتضاد:
  الذي نقوله، وإن قدر عليه حالة الانتقال فالانتقال قد وقع فلا حاجة به إلى القدرة.
  فصح بهذه الوجوه أن القدرة على مذهبهم إنما توجد حالة الاستغناء عنها، فأما في حالة الحاجة إليها فهي مفقودة.
  فإن قالوا: إنما يقدر على هذه الأمور حالة استحقاقه الأسماء المشتقة منها، فكما أنه لا يسمى مطلقا ولا ملقيا إلا حال وقوع الطلاق والإلقاء، وكذلك لا يقدر عليها إلا في هذه الحالة؟ قلنا: إن هذا تكرار وتعليق الشيء بنفسه بخلاف ما يضاف، فالقدرة غير الإلقاء والطلاق.
  وأحد ما يدل على أن القدرة لا يجوز أن تكون مقارنة لمقدورها، هو أنه لو وجب ذلك في الشاهد لوجب في الغائب أيضا، وذلك يقتضي إما قدم العالم، أو أن يكون القديم قادرا بقدرة محدثة، وأي ذلك كان فهو فاسد وقد مضى ما في هذه الدلالة.
القدرة متعلقة بالمتماثل والمختلف والمتضاد:
  واعلم، أن القدرة عندنا متعلقة بالمتماثل والمختلف والمتضاد، ولا يفترق الحال في ذلك بين قدرة القوي والضعيف، وإنما يفترقان من حيث إن أحدهما يمكنه أن يفعل في كل جزء من الثقيل الذي يريد رفعه بعدد ما فيه من الاعتماد وجزءا آخر زائدا على ذلك، وليس كذلك الآخر.
  إذا ثبتت هذه القضية، فالقدرة إنما تتعلق والوقت واحد والمحل واحد بجزء واحد من المتماثل، ولا تتعلق بأزيد من ذلك؛ إذ لو تعدت في التعلق عنه إلى ما زاد عليه ولا حاصر، لوجب تعلقها بما لا يتناهى كالاعتقاد، وذلك يوجب صحة أن يمانع أحدنا القديم جلّ وعزّ، وأن يرتفع التفاضل بين القادرين، وقد عرفت فساده. فأما وقد اختلفت هذه الشرائط فإنه يصح أن يتعلق بأزيد من جزء واحد من المتماثل، وعلى هذا يصح أن يؤلف بين أجزاء كثيرة دفعة واحدة، على أن ما فيها من التأليف متماثل؛ هذا في المتماثلات.
  فأما في المختلفات؛ فإنه لا يجب أن نعتبر ما اعتبرناه في المتماثلات من الشرائط، فإنه يصح أن نفعل بالقدرة الواحدة جملة من المختلفات في المحل الواحد في وقت واحد. ألا ترى أنه يقدر على أن يريد قدوم زيد، وعمرو، وبكر، وخالد، مع