شرح الأصول الخمسة،

أحمد بن الحسين مانكديم (المتوفى: 420 هـ)

المخالف في هذا الباب:

صفحة 87 - الجزء 1

  فحصل من هذه الجملة أن هذه المسألة مما لا سبيل للعقل فيها، وإنما هي مسألة شرعية على ما قلناه.

  وتحصيل الكلام فيها، هو أن نقول:

  إن المكلف لا يخلو، إما أن يكون من أهل الثواب، أو يكون من أهل العقاب.

  فإن كان من أهل الثواب، فلا يخلو، إما أن يكون مستحقا للثواب العظيم، أو مستحقا لثواب غير ذلك. فإن استحق الثواب العظيم، فلا يخلو، إما أن يكون من البشر، أو لم يكن. فإن لم يكن من البشر سمي ملكا ومقربا إلى غير ذلك من الأسماء، وإن كان من البشر فإنه يسمى نبيا ورسولا ومصطفى ومختارا أو مبعوثا إلى غير ذلك. وإن استحق ثوابا دون ذلك، فإنه يسمى مؤمنا برأ تقيا صالحا إلى ما أشبه ذلك.

  وإن كان من أهل العقاب، فلا يخلو، إما أن يكون مستحقا للعقاب العظيم، أو لعقاب دون ذلك. فإن استحق العقاب العظيم فإنه يسمى كافرا أو مشركا سواء كان ذلك من البشر أو لم يكن.

  ثم أنواع الكفر تختلف، فربما يكون تعطيلا، وربما يكون تهودا، أو تمجسا، أو تنصرا، إلى غير ذلك، وإن استحق عقابا دون ذلك، فإنه يسمى فاسقا، فاجرا، ملعونا، إلى ما شكاله.

  فحصل من هذه الجملة أن صاحب الكبيرة لا يسمى مؤمنا، ولا كافرا، ولا منافقا، بل يسمى فاسقا. وكما لا يسمى باسم هؤلاء فإنه لا يجري عليه أحكام هؤلاء، بل له اسم بين الاسمين، وحكم بين الحكمين.

المخالف في هذا الباب:

  والمخالف في هذا الباب، لا يخلو، إما أن يقول: إن صاحب الكبيرة منافق، وذلك لا وجه له، لأن النفاق اسم لمن يبطن الكفر ويظهر الإسلام وليس هذا حال صاحب الكبيرة، أو يقول إنه كافر على ما تقوله الخوارج.

  والكلام عليه، أن نقول: ما تعني به؟ أتريد أن حكمه حكم الكافر حتى لا يناكح ولا يورث ولا يدفن في مقابر المسلمين، أو تريد أنه يسمى كافرا وإن لم تجز عليه هذه