فصل في المقصود من الباب:
  تعالى أنه عدوه، فالمراد به أنه يريد معاقبته.
فصل في المقصود من الباب:
  وإذ قد فرغنا عن حقيقة هذه الألفاظ وما يتصل بها، عدنا إلى المقصود بالباب.
  وجملة القول في ذلك أن الغرض بهذا الباب هو أن صاحب الكبيرة لا يسمى مؤمنا ولا كافرا، وإنما يسمى فاسقا.
فصلان ١ - الفاسق لا يسمى مؤمنا خلافا للمرجئة: ٢ - ولا يسمى كافرا خلافا للخوارج:
  وقد جعل | الكلام في ذلك في فصلين: أحدهما، في أنه لا يسمى مؤمنا خلاف ما يقوله المرجئة. والثاني، في أنه لا يسمى كافرا على ما يقوله الخوارج.
  والذي يدل على الفصل الأول، وهو الكلام في أن صاحب الكبيرة لا يسمى مؤمنا، هو ما قد ثبت أنه يستحق بارتكاب الكبيرة الذم واللعن والاستخفاف والإهانة، وثبت أن اسم المؤمن صار بالشرع اسما لمن يستحق المدح والتعظيم والموالاة، فإذا قد ثبت هذان الأصلان، فلا إشكال في أن صاحب الكبيرة لا يجوز أن يسمى مؤمنا.
  ونحن وإن منعنا من إطلاق هذا الاسم على صاحب الكبيرة، فلا نمنع من إطلاقه عليه مقيدا، فيجوز وصفه بأنه مؤمن باللّه ورسوله لأنه لا يمنع أن يفيد هذا الاسم بإطلاقه ما لا يفيده إذا قيد، فإنك تعلم أن الرب إذا أطلق لا ينصرف إلا إلى القديم تعالى، وإذا قيد يجوز أن يراد به غير اللّه تعالى، فيقال: رب الدار ورب البيت.
  وقد خالفنا بذلك أبو القاسم، وقال: إن هذا الاسم يفيد مقيده ما يفيد مطلقه، واستدل على ذلك بقوله: {وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ}، وذلك مما لا وجه له، فإن المعلوم أن المراد بالآية، أن الجنة التي ذكرها اللّه تعالى إنما أعدها للذين آمنوا باللّه ورسله بشرط أداء الواجبات واجتناب المحرمات، وإنما اقتصر على هذا القدر في الآية لما قد بينه في آية أخرى، وركب