تعلق المخالفين بآيات من القرآن
تعلق المخالفين بآيات من القرآن
  وقد تعلقوا في ذلك بآيات من القرآن، من جملتها، قوله تعالى: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} قالوا: إنه تعالى فصل بين الخلق والأمر، وفي ذلك دلالة على أن الأمر غير مخلوق.
  وجوابنا أن هذا باطل، لأن مجرد الفصل لا يدل على اختلاف الجنسين، أو لا ترى أنه تعالى فصل بين نبينا وبين غيره من الأنبياء $ بقوله: {وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ}[الأحزاب: ٧]، ثم لا يجب أن لا يكون نبيا من الأنبياء، وكذلك فإنه فصل بين الفحشاء والمنكر ثم لا يجب أن تكون الفحشاء غير المنكر، وأيضا فإنه تعالى فصل بين الفاكهة والرمان بقوله: {فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ ٦٨}[الرحمن: ٦٨] ثم لا يجب أن لا يكون الرمان من الفاكهة، كذلك في مسألتنا.
  فإن قيل: فما فائدة الفصل؟ قلنا: قد يفصل للتعظيم والتفخيم كفصله بين جبريل وميكائيل وبين غيرهما من الملائكة، وكفصله بين نبينا وبين غيره من الأنبياء.
  فإن قيل: فما فائدة الفصل؟ قلنا: قد يفصل للتعظيم والتفخيم كفصله بين جبريل وميكائيل وبين غيرهما من الملائكة، وكفصله بين نبينا وبين غيره من الأنبياء.
  فإن قيل: كما يفصل للتعظيم فقد يفصل لاختلاف المذكورين، فلم حملتم هذا الفصل على أنه للتعظيم؟ قلنا: لقيام الدلالة على أن الأمر مخلوق، ولقوله: {وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا}[الأحزاب: ٣٧].
  ومن جملة ما يتعلقون به، قوله تعالى: {الرَّحْمنُ ١ عَلَّمَ الْقُرْآنَ ٢ خَلَقَ الْإِنْسانَ ٣}[الرحمن: ١ - ٣] قالوا: إن هذا يدل على أن القرآن غير مخلوق لأنه وصف الإنسان بالخلق ولم يصف القرآن به.
  وجوابنا عن ذلك، ليس يجب إذا وصف اللّه تعالى الإنسان بأنه مخلوق أن لا يكون ما عدا الإنسان مخلوقا، فإن تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على ما عداه.
  وبعد، فلو استدللنا نحن بهذه الآية لكنا أسعد حالا منكم، فقد قال: {عَلَّمَ الْقُرْآنَ ٢} والتعليم لا يتصور إلا في المحدثات، وكذلك فقد قال: {عَلَّمَهُ الْبَيانَ ٤} والبيان فالمرجع به إلى الدلالة، والدليل لا بد من أن يكون محدثا أو في تقدير الحادث.
  فإذا ثبتت هذه الجملة، وصح حدوث القرآن ووقوعه مطابقا للصلاح، فاعلم أنه لا يمتنع وصفنا بأنه مخلوق.
  وفي الناس من أنكر ذلك فخالف.