شرح الأصول الخمسة،

أحمد بن الحسين مانكديم (المتوفى: 420 هـ)

مناظرة بين الحسن وابن عبيد:

صفحة 482 - الجزء 1

  كفرة، ولهذا فإنه لما سئل # عنهم أكفار هم؟ قال: من الكفر فرّوا. فقالوا:

  أمسلمين هم؟ قال: لو كانوا مسلمين ما قاتلناهم، كانوا إخواننا بالأمس بغوا علينا، فلم يسمهم كفارا ولا مسلمين، وإنما سماهم بغاة، وقوله # حجة، غير أن الاحتجاج به على الخوارج غير ممكن، فإنهم ربما يكفرونه، وربما يتوقفون في إسلامه.

  وأحد ما يدل على أن صاحب الكبيرة لا يجوز أن يسمى كافرا آية اللعان، فإن اللعان إنما ثبتت بين الزوجين، فلو كان القذف كفرا، لكان لا بد من أن يخرج أحد الزوجين بفسقه عن الإسلام فتنقطع بينهما عصمة الزوجية، فلا يحتاج إلى اللعان، فإنه لم يشرع بين الأجنبيّين، وإنما يجري بين الزوجين، فصح بهذه الجملة أن صاحب الكبيرة لا يجوز أن يسمى كافرا، ولا يجوز أن يجري عليه أحكام الكفرة.

  وكما لا يجوز أن يسمى بذلك، فإنه لا يجوز أن يجري عليه ما يفيد كفرا مخصوصا، فلا يسمى يهوديا ولا نصرانيا ولا متمجسا لأن هذه الأسماء تقتضي اختصاصه بأحكام مخصوصة، وليس يستحق الفاسق شيئا من تلك الأحكام.

  وكما لا تجري عليه هذه الأسماء فكذلك لا يجوز أن يسمى كافرا نعم اللّه تعالى، خلاف ما يحكى عن الناصر وجماعة من الخوارج، لأن هذا اللفظ في نقيض قولنا: شاكر نعم اللّه، ومعنى قولنا شاكر نعم اللّه تعالى أنه، معترف بنعم اللّه ومعظم له، فنقيضه هو أنه لا يعترف بنعم اللّه تعالى ولا يعظمه عليها، ولا شك في كفر من هذا حاله، فكيف يطلق هذا الاسم على الفاسق، فكما لا يجوز أن يجري عليه شيء من هذه الأسماء والأحكام التي تتبعها، فكذلك لا يجوز أن يسمى منافقا، خلافا لما يذهب إليه الحسن والبكرية.

مناظرة بين الحسن وابن عبيد:

  والذي يدل على فساد هذا المذهب، المناظرة التي جرت بين عمرو بن عبيد والحسن، فإنه قال للحسن: أفتقول إن كل نفاق كفر، قال: نعم، قال: أفتقول إن كل فسق نفاق، قال: نعم. قال: فيجب في كل فسق أن يكون كفرا وذلك مما لم يقل به أحد.

  وتحقيق هذه الجملة، أن المنافق صار بالشرع اسما لمن يستحق العقاب العظيم