شرح الأصول الخمسة،

أحمد بن الحسين مانكديم (المتوفى: 420 هـ)

فصل

صفحة 409 - الجزء 1

  تعالى.

  وذلك مما لا وجه له أيضا عندنا، فإنه تعالى لا يجوز أن يخاطبنا بخطاب يريد به غير ما يقتضيه ظاهره ثم لا يدل عليه، لأن ذلك يقدح في حكمته ويصير ملغزا معميا.

  ويقال لهم أيضا: لو جاز أن يكون في عمومات الوعيد شرط أو استثناء لم يبينه اللّه تعالى، لجاز مثله في عمومات الوعد، بل كان يجوز مثله في الأوامر والنواهي، والمعلوم خلافه.

  فإن قالوا: لا تكليف علينا في عمومات الوعيد، وليس كذلك الحال في الأوامر والنواهي، قلنا: ليس الحال على ما ظننته في عمومات الوعيد تكليفا، وهو أن نعتقد أنه تعالى لا يخلف في وعده ولا في وعيده ولا يغير قوله ولا يبدله، كما أخبر به حيث يقول: {ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ٢٩}.

فصل

  وقد أورد | بعد هذه الجملة فصلا، وجملة ما يجب أن يحصل فيه الكلام في الصفة التي يجب أن يكون عليها المفسر لكتاب اللّه ø.

شروط المفسر لكتاب اللّه:

  اعلم أنه لا يكفي في المفسر أن يكون عالما باللغة العربية، ما لم يعلم معها النحو والرواية، والفقه الذي هو العلم بأحكام الشرع وأسبابها، ولن يكون المرء فقيها عالما بأحكام الشرع وأسبابها إلا وهو عالم بأصول الفقه، التي هي أدلة الفقه والكتاب والسنة والإجماع والقياس والأخبار وما يتصل بذلك. ولن يكون عالما بهذه الأحوال إلا وهو عالم بتوحيد اللّه تعالى وعدله، وما يجب له من الصفات وما يصح وما يستحيل، وما يحسن منه فعله وما لا يحسن بل يقبح، فمن اجتمع فيه هذه الأوصاف وكان عالما بتوحيد اللّه وعدله وبأدلة الفقه وأحكام الشرع، وكان بحيث يمكنه حمل المتشابه على المحكم والفصل بينهما، جاز له أن يشتغل بتفسير كتاب اللّه تعالى، ومن عدم شيئا من هذه العلوم فلن يحل له التعرض الكتاب اللّه جل وعز، اعتمادا على اللغة المجردة، أو النحو المجرد، أو الرواية فقط.

  يبين ما ذكرناه ويوضحه، أن المفسر لا بد من أن يكون بحيث يمكنه حمل قوله