فصل: الكلام في التكليف
  غيره من القبائح؟
  وجوابنا عن الجملة، هو أن نقول: إنا لا نجوز أن يكلف العاجز والمعدوم، بل المراد بذلك أن قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ} كما هو خطاب لمن كان في ذلك الزمان، فهو خطاب للموجودين في زماننا هذا ولمن يوجد من بعد، ولا يحتاج القديم تعالى إلى تجديد الخطاب في كل زمان، وما هذا حاله فلا شك في جوازه وحسنه، ولذلك نظائر في الشريعة، فإنك تعلم أن أحدنا ربما يوصي لأولاده وأولاد أولاده ما تناسلوا وتولدوا، بشرط أن يكونوا من أهل السداد والصلاح وإن لم يوجدوا بعد. ويكون فائدة ما ذكرناه في القديم تعالى.
فصل: الكلام في التكليف
  وقد أورد | بعد ذلك الكلام في التكليف وثمرته، ليتهيأ إلى الكلام في من المعلوم من حاله أنه يكفر، فإن ذلك يشبه أن يكون شبهة لهؤلاء المجبرة شبيهة بما تقدم من الشبهة. وهو وإن عرض في الكلام، إلا أنا نشير إلى نبذ منه ونختصر القول فيه، بعد أن نبين حقيقته، فمن البعيد أن نتكلم في أحكامه إما على الاختصار أو على غير هذه الطريقة ولا نعلم ما هو.
  وحقيقته، إعلام الغير في أن له أن يفعل أو أن لا يفعل نفعا أو دفع ضرر، مع مشقة تلحقه في ذلك على حد لا يبلغ الحال به حد الإلجاء، ولا بد من هذه الشرائط، حتى لو انخرم شرط منها فسد الحد.
  والإعلام، إنما يكون بخلق العلم الضروري، أو بنصب الأدلة، وأي ذلك كان لم يصح إلا من اللّه تعالى، ولهذا قلنا: إنه لا يكلف على الحقيقة غير اللّه تعالى، وإذا استعمل في الواحد منا فإنما يستعمل على طريقة التوسع والمجاز.
  فهذا هو حقيقة التكليف.
ثمرة التكليف
  وثمرته، أنه تعالى إذا خلقنا وأحيانا وأقدرنا وأكمل عقولنا وخلق فينا شهوة القبيح ونقرة الحسن فلا بد من أن يكون له فيه غرض، وغرضه إما أن يكون إغراء له بالقبيح، والتكليف لا يجوز أن يكون غرضه الإغراء بالقبيح لأن ذلك قبيح، وقد ثبت أن اللّه تعالى لا يفعل القبيح. فلم يبق إلا أن يكون غرضه بذلك التكليف، وأن يعرضنا