شرح الأصول الخمسة،

أحمد بن الحسين مانكديم (المتوفى: 420 هـ)

لم لا يكون الجسم مجتمعا لعدمه؟

صفحة 59 - الجزء 1

  بالحدوث وجوده بعد أن لم يكن فقد أفسدناه من قبل، وإن أردتم به حالة الحدوث فالذي يفسده هو أنه لو كان كذلك لوجب أن لا يكون الجسم مجتمعا في حالة البقاء لفقد العلة فيه، ولأنه [لو]⁣(⁣١) كان كذلك لوجب أن يكون كل جزء منه مجتمعا لثبوت العلة فيه وقد علمنا خلافه. وبعد فلو كان كذلك، لوجب أن لا يحصل مفترقا في حالة الحدوث، والمعلوم خلافه. ولأنه لو كان كذلك لكان يجب إذا افترق أن يكون مفترقا لحدوثه أيضا، فكان يجب أن يكون الجسم مجتمعا مفترقا دفعة واحدة وهذا محال.

لم لا يكون الجسم مجتمعا على وجه؟

  فإن قيل: لم لا يجوز أن يكون الجسم مجتمعا لحدوثه على وجه؟ قلنا: لأنه لا وجه هاهنا معقول، فيقال إن الجسم اجتمع لحدوثه على ذلك الوجه، بخلاف ما نقوله في الحسن والقبح فإن لذلك وجوها معقولة، نحو كونه ظلما وكذبا وغيرهما. ولأنه لو كان كذلك لوجب أن يكون الجسم مجتمعا في حالة البقاء، والمعلوم خلافه.

لم لا يكون الجسم مجتمعا لعدمه؟

  فإن قيل: لم لا يجوز أن يكون الجسم مجتمعا لعدمه؟ قلنا: لأن العدم يميل كونه مجتمعا، وما أحال الحكم لا يجوز أن يؤثر فيه. ولأنه لا يحصل مجتمعا إلا بعد الوجود، فكيف يكون عدمه مؤثرا فيه؟.

لم لا يكون مجتمعا بالفاعل؟

  فإن قيل: لم لا يجوز أن يكون الجسم مجتمعا بالفاعل؟ قلنا: لأنه لو كان كذلك لوجب في الواحد منا وهو قادر على أن يجعل الجسم مجتمعا من دون معنى أن يكون قادرا على إيجاد الجسم، لأن من قدر على أن يجعل ذاتا من الذوات على صفة من الصفات من دون معنى، قدر على إيجاد نفس تلك الذات.

  دليله، الكلام، فإن أحدنا لما قدر أن يجعله أمرا ونهيا وخبرا، قدر على إيجاد نفس الكلام. وعكسه كلام الغير، فلما لم يقدر على جعله أمرا ونهيا وخبرا، لم يقدر على إيجاد نفس الكلام. والمعلوم أن أحدنا لا يقدر على إيجاد الجسم فيجب أن لا يتعلق به كونه مجتمعا.


(١) زيادة من المصحح.