الاختلاف في المتولدات من علقها بالطبع والرد عليه:
  غيره من الأفعال. وجوابنا أن الضحك تفتح في العينين وتقلص في الشفتين مع سرور يلحق القلب، وذلك قسمان: قسم لا يمكن الانفكاك منه وذلك من جهته ø، وقسم يمكننا الانفكاك منه وذلك من جهتنا وموقوف على اختيارنا.
  فأما البكار فهو نزول العبرة عند لوعة تحدث في القلب وحزن، وذلك أبدا يكون موقوف على اختيار الباري، ولهذا فإن أحدنا يجتهد كل الجهد لينزل العبرة فلا تجيبه، ربما يغلب عليه فلا يمكنه المنع منه. وإذا كان هذا هكذا فقد أجبنا القوم على ما أرادوه، ولكن لم يلزم مثله في سائر الأفعال، لأن الطريقة فيها مختلفة. يبين ذلك ويوضحه، أن العلماء وإن اختلفوا في الأمر هل يقتضي أم لا يقتضيه؟ لم يختلفوا في أن الخبر لا يقتضي التكرار، فنحن إذا جوزنا أن يضحكنا ويبكينا مرة، لم يلزمنا تجويزه على طريق الدوام والتأبيد، فعلى هذه الجملة يجب أخذ الكلام في هذه الآيات التي يتعلقون بها.
  والأصل فيها أجمع، ما قدمناه من منعهم من الاستدلال بالسمع أصلا وخاصة في هذه المسألة.
الاختلاف في المتولدات من علقها بالطبع والرد عليه:
  وأما المتولدات ففيها نوع آخر من الاختلاف غير ما قدمناه.
  ففي الناس من علقها بالطبع على ما قاله أبو عثمان الجاحظ في أفعال الجوارح والمعرفة، ولم يجعل الواقع عند الاختيار سوى الإرادة دون الحركات وما شاكلها.
  وفيهم من قال: إن هذه الحوادث التي تحدث في الجمادات فإنها تحصل فيها بطبع المحل، وهو النّظام، وإليه ذهب معمر.
  فأما ثمامة بن الأشرس، فإنه جعل هذه الحوادث ما عدا الإرادة حدثا لا محدث له.
  ولعل شبهة الجميع واحدة، فإنهم لما رأوا أن ما يتعلق بالفاعل أو يضاف إليه فلا بد أن يكون للاختيار فيه مدخل، ورأوا وجوب وقوع المراد عند حدوث الإرادة، ووجوب وقوع المسبب عند حصول سببه، فأخرجوه عن التعلق بالفاعل أصلا. ثم افترقوا: فمنهم من علقه بالطباع، ومنهم من جعله حدثا لا محدث له. ولو أنهم أنعموا النظر لعلموا أن المتولدات مما للاختيار فيه مدخل، فيقع مرة بأن يختار الفاعل ما هو