شرح الأصول الخمسة،

أحمد بن الحسين مانكديم (المتوفى: 420 هـ)

ولنا في الجواب ثلاثة طرق:

صفحة 180 - الجزء 1

أخبار مروية عن الرسول

  ومما يتعلقون به، أخبار مروية عن النبي ÷، وأكثرها يتضمن الجبر والتشبيه، فيجب القطع على أنه لم يقله وإن قال فإنه قاله حكاية عن قوم، والراوي حذف الحكاية ونقل الخبر.

  ومن جملتها وهو أشف ما يتعلقون به، ما يروى عن النبي أنه قال: «سترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر».

ولنا في الجواب ثلاثة طرق:

  أحدها، هو أن هذا الخبر يتضمن الجبر والتشبيه، لأنا لا نرى القمر إلا مدورا عاليا منورا، ومعلوم أنه لا يجوز أن يرى القديم تعالى على هذا الحد، فيجب أن نقطع على أنه كذب على النبي ، وأنه لم يقله، وإن قاله فإنه قاله حكاية عن قوم كما ذكرنا.

  والطريقة الثانية، هو أن هذا الخبر يروى عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد اللّه البجلي، عن النبي صلى اللّه عليه وعلى آله. وقيس هذا مطعون فيه من وجهين: أحدهما، أنه كان يرى رأي الخوارج، يروى أنه قال: منذ سمعت عليا على منبر الكوفة يقول: انفروا إلى بقية الأحزاب - يعني أهل النهروان - دخل بغضه قلبي، ومن دخل بغض أمير المؤمنين قلبه، فأقل أحواله أن لا يعتمد على قوله ولا يحتج بخبره. والثاني، قيل إنه خولط في عقله آخر عمره، والكتبة يكتبون عنه على عادتهم في حال عدم التمييز، ولا ندري أن هذا الخبر رواه وهو صحيح العقل أو مختلط العقل، ويحكى عنه أنه قال لبعض أصحابه: أعطني درهما اشتري به عصا، أضرب بها الكلاب، وهذا من أفعال المجانين. ويقال أيضا إنه كان محبوسا في بيت فكان يضرب على الباب فكلما اصطفق الباب ضحك، فلا يمكن الاحتجاج بقوله لأن هذا دلالة الجنون عليه.

  وأما الطريقة الثالثة، هو أن يقال: إن صح هذا الخبر وسلم، فأكبر ما فيه أن يكون خبرا من أخبار الآحاد، وخبر الواحد مما لا يقتضي العلم، ومسألتنا طريقها القطع والثبات، وإذا صحت هذه الجملة بطل ما يتعلقون به. ثم إن هذا الخبر معارض بأخبار رويت، منها ما روى أبو قلابة عن أبي ذر أنه قال: قلت للنبي: هل رأيت ربك، فقال: نور هو، أنى أراه أي، أنور هو؟ كيف أراه؟ فحذف همزة الاستفهام جريا