فصل الكلام في الأخبار:
  إذا ثبت هذا، فاعلم أن المتقدمين من المعتزلة ذهبوا إلى أن أفضل الناس بعد رسول اللّه ﷺ أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي #، إلا واصل بن عطاء فإنه يفضل أمير المؤمنين على عثمان فلذلك سموه شيعيا.
  وأما أبو علي وأبو هاشم فقد توقفا في ذلك، وقالا: ما من خصلة ومنقبة ذكرت في أحد هؤلاء الأربعة إلا ومثله مذكور لصاحبه.
  وأما شيخنا أبو عبد اللّه البصري فقد قال: إن أفضل الناس بعد رسول اللّه ﷺ علي بن أبي طالب ثم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان، ولهذا كان يلقب بالمفضل، وله كتاب في التفضيل طويل.
  وقد كان قاضي القضاة يتوقف في الأفضل من هؤلاء الأربعة كالشيخين، إلى أن شرح هذا الكتاب فقطع على أن أفضل الصحابة أمير المؤمنين عليّ #.
  فأما عندنا: إن أفضل الصحابة أمير المؤمنين عليّ ثم الحسن، ثم الحسين $.
  والذي يدل على ذلك الآيات والأخبار المروية في علي #، نحو خبر الطير وخبر المنزلة وغيرهما، وأيضا فما منقبة من المناقب كانت متفرقة في الصحابة إلا وقد كانت مجتمعة في أمير المؤمنين من العلم والورع والشجاعة والسخاء وغير ذلك، ومما يدل على ذلك إجماع أهل البيت، وهذا كما يدل على أنه أفضل الصحابة، فإنه يدل على أن الحسن كان أفضل الصحابة بعده، ثم الحسين $. فهذه جملة ما هو له في هذا الموضع.
فصل الكلام في الأخبار:
  في الكلام في الأخبار، ووجه اتصاله بما تقدم، هو أن الإمامة لا تثبت إلا بالأخبار لأنه لا طريق لها سواها.
  وجملة القول في ذلك، أن الأخبار لا تخلو، إما أن يعلم صدقها، أو يعلم كذبها، أو لا يعلم صدقها ولا يعلم كذبها.
  والقسم الأول ينقسم إلى ما يعلم صدقه اضطرارا، وإلى ما يعلم اكتسابا.