لم لا يكون القديم قديما لمعنى؟
  عرض، والعرض لا يحل العرض.
  فإن قيل: لم قلتم ذلك؟ قلنا: لأن الحلول إن لم يعلق بالتحيز لا يعلق، وكذلك اللون بأن يكون حالا والجوهر بأن يكون محلا أولى من خلافه وإن وجد كل واحد منها بجنب الآخر، لما كان الجوهر متحيزا دون اللون وكان المرجع بالحلول إلى الوجود بجنب الغير، والغير متحيز، وقد ثبت أن الاجتماع ليس بمتحيز، فلا يجوز أن يكون في نفس الاجتماع.
  فإن قيل: لم قلتم ذلك؟ قلنا: لأنه لو كان كذلك لكان لا يخلو، إما أن يكون مجتمعا أو مفترقا، فإن كان مجتمعا كان كذلك بالاجتماع والكلام في ذلك الاجتماع كالكلام فيه فيتسلسل إلى ما لا نهاية له، وكذلك الكلام إذا كان مفترقا. فثبت بهذه الجملة أن الأعراض يجوز عليها العدم.
الدليل على أن القديم لا يجوز عليه العدم
  وأما الدليل على أن القديم لا يجوز عليه العدم، فهو أن القديم قديم لنفسه، والموصوف بصفة من صفات النفس لا يجوز خروجه عنها بحال من الأحوال. وهذه الدلالة مبنية على أصلين: أحدهما أن القديم قديم لنفسه، والثاني أن الموصوف بصفة من صفات النفس لا يجوز خروجه عنها بحال من الأحوال. أما الذي يدل على أن القديم قديم لنفسه، هو أنه لا يخلو، إما أن يكون قديما لنفسه أو بالفاعل أو لمعنى، لا يجوز أن يكون قديما بالفاعل ولا لمعنى، فلم يبق إلا أن يكون قديما لنفسه على ما نقوله.
  فإن قيل: لم لا يجوز أن يكون قديما بالفاعل؟ قلنا: لأن من حق الفاعل أن يكون متقدما على فعله، وما تقدمه غيره لا يجوز أن يكون قديما، لأن القديم هو ما لا أول لوجوده.
لم لا يكون القديم قديما لمعنى؟
  فإن قيل: لم لا يجوز أن يكون قديما لمعنى؟ قلنا: لأن ذلك المعنى لا يخلو، إما أن يكون موجودا أو معدوما، لا يجوز أن يكون معدوما لأن العدم مقطعة الاختصاص، ولأن الإيجاب إما أن يصدر عن الصفة المقتضاة عن صفة الذات وهي مشروطة بالوجود، فلا يجوز أن يكون معدوما وإذا كان موجودا فلا يخلو، إما أن