شرح الأصول الخمسة،

أحمد بن الحسين مانكديم (المتوفى: 420 هـ)

فصل في التفضيل

صفحة 519 - الجزء 1

  فيه وهذا سائغ، وعلى أنه وإن دخل في الشورى فلم يجعل الأمر موقوفا على اختيارهم إياه وعقدهم للإمامة، وأما احتجاجه على طلحة والزبير بالبيعة فلكي يبين لهم أنهم لا يثبتون على الحق أصلا. فهذه جملة ما يحتمله هذا المجمل.

  فإن قيل: فما ذلك النص الذي دلكم على إمامة عليّ #؟ قيل له:

  نصوص كثيرة من كتاب اللّه تعالى نحو قوله: {إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ}⁣[المائدة: ٥٥] الآية. بين اللّه تعالى أن الولاية له ø ثم لرسوله ثم للموصوف بإيتاء الزكاة في حال الركوع، ولا خلاف في أن الموصوف بذلك عليّ # دون سواه. فإن قال قوله تعالى: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ} الجماعة، فكيف يصح حمله على الواحد؟ قيل له: لا بد من أن يحمل على واحد وإلا لزم أن يكون المولى والمولى عليه واحدا وذلك مما لا سبيل إليه، وبعد فإن في آخر الآية ما يمنع من حمله على الجماعة لأن الواو في قوله: {وَهُمْ راكِعُونَ}، واو الحال، فيجب أن يكون المراد به من أدى الزكاة في حال الركوع، ومتى قيل: إن الآية محمولة على المحبة والنصرة، قلنا: لا تنافي بين بعض هذه الأمور وبين البعض، فنحمله على الجميع.

  ومن ذلك قول النبي : «أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي» أثبتت لعلي # جميع المنازل التي كانت ثابتة لهارون من موسى @ واستثنى النبوة. ومن المنازل التي كانت ثابتة لهارون من موسى الإمامة، فوجب ثبوتها لعلي #. وفي ساداتنا من ادعى بأن الخبر متواتر، وفيهم من قال إنه متلقى بالقبول وهو الصحيح.

  ومن ذلك حديث غدير خم بطوله، وموضع الدلالة منه قوله: «من كنت مولاه»، والمولى والأولى في اللغة وعرف الشرع واحد، قال اللّه تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ}⁣[التحريم: ٤] وقال لبيد:

  مولى المخافة حلفها وإمامها

  ولتطويل الإمامة واستيفاء القول فيها موضع آخر.

فصل في التفضيل

  اعلم أن الأفضل في الشرع، هو الأكثر ثوابا، ولذلك قال مشايخنا: إن طريق معرفته الشرع، لأنه لا مجال للعقل في مقادير الثواب والعقاب.