أفعال العباد
  أن يكون الواحد منا في بعض الحالات مضطرا إلى الإرادة وغير مختار فيها، وأن يجد ذلك الاضطرار من نفسه، ومعلوم خلافه.
  ومما يتعلقون به، قولهم: لو كان اللّه تعالى مريدا بإرادة محدثة لكان قد حصل على هذه الصفة بعد إن لم يكن عليها، فيجب أن يكون قد تغير.
  وجوابنا، ما تريدون بالتغير؟ فإن أردتم به أنه حصل على هذه الصفة بعد إن لم يكن عليها فهو الذي نقوله، وإن أردتم به أنه صار غير ما كان فليس يجب إذا حصل الذات على صفة من صفات لم يكن عليها قبل ذلك أن يتغير، ألا ترى أنه تعالى لم يكن فاعلا فيما لم يزل، ثم حصل فاعلا بعد أن لم يكن، ولم يجب أن يكون قد تغير، كذلك في مسألتنا.
  فأما قولهم في المحل إذا ابيض بعد أن كان أسود: إنه قد تغير، فذاك على اعتقادهم أنه صار غير ما كان، والأسامي تتبع اعتقاداتهم.
  فهذا هو الكلام على ما يتعلق به كلا الفريقين.
  وأما ما يتعلق به أحد الفريقين دون الآخر، فقولهم: إنه تعالى لم يكن ساهيا.
أفعال العباد
  وأما أفعال العباد فعلى ضربين: أحدهما صفة زائدة على حدوثه وصفة جنسه، والآخر ليس له صفة زائدة على ذلك، وما هذا سبيله فإنه تعالى لا يريده ولا يكرهه.
  وما له صفة زائدة على حدوثه وصفة جنسه فعلى ضربين: أحدهما قبيح والآخر حسن فما كان قبيحا فإنه لا يريده البتة بل يكرهه ويسخطه.
  وما كان حسنا فهو على ضربين: أحدهما له صفة زائدة على حسنه، والآخر ليس له صفة زائدة على حسنه.
  وهذا الثاني إنما هو المباح، واللّه تعالى لا يجوز أن يكون مريدا له على ما سنبينه من بعد إن شاء اللّه تعالى.
  وأما الأول، وهو ما يكون له صفة زائدة على حسنه فهو الواجب والمندوب إليه، وكل ذلك مما يريده اللّه تعالى، بدليل أن غاية ما يعلم به مراد الغير إنما هو الأمر، وقد صدر من جهة اللّه الأمر وما يكون أكبر من الأمر، لأنه تعالى كما أمر بذلك فقد