شرح الأصول الخمسة،

أحمد بن الحسين مانكديم (المتوفى: 420 هـ)

فاعله

صفحة 351 - الجزء 1

الألطاف

فصل في وجوب الألطاف وذكر الخلاف فيه

  وقبل الشروع في المسألة نذكر حقيقة اللطف جريا على العادة المألوفة.

  اعلم، أن اللطف هو كل ما يختار عنده المرء الواجب ويتجنب القبيح، أو ما يكون عنده أقرب إما إلى اختيار أو إلى ترك القبيح.

أسماء اللطف

  والأسامي تختلف عليه فربما يسمى توفيقا، وربما يسمى عصمة، إلى غير ذلك.

  وسنذكر حقيقة هذه الألفاظ في مواضعها اللائقة بها إن شاء اللّه تعالى.

فاعله

  ثم إن ما هذا حاله لا يخلو، إما أن يكون من فعل اللّه تعالى، أو من فعل غير اللّه.

  وإذا كان من فعل غير اللّه ، فإما أن يكون من فعلنا، أو من فعل غيرنا.

  فإن كان من فعلنا وكان لطفا لنا يجب علينا فعله إذا جرى مجرى التحرز من الضرر، وقولنا إذا جرى مجرى التحرز من الضرر احترازا عن النوافل، فإنه ليس يجب أن نغفل ما هو لطف فيها، لأنها إذا كانت لا يستضر بتركها أصلا، فلأن لا يستضر بترك ما هو لطف تابع لها أولى. فإذا كان من فعل غيرنا فلا يخلو، إما أن يكون المعلوم من حاله أنه يفعل ذلك الفعل، فإنه يحسن من اللّه تعالى أن يكلفنا التكليف الذي يكون ذلك الفعل لطفا لنا فيه، وإن كان المعلوم من حاله أنه لا يفعل فإنه لا يحسن بل يقبح، فهذه جملة ما نقدمه في هذه المسألة. ونعود بعد ذلك إلى ذكر الخلاف فيه.

  اعلم، أن المخالف في هذه المسألة، هم هؤلاء المجبرة، وبشر بن المعتمر، وأصحابه من البغداديين.

  وإن كان لا يتحقق الخلاف مع المجبرة في هذه المسألة، لأن اللطف إذا كان لا يرجع به إلا إلى ما يختار المرء عنده فعلا أو تركا، أو يكون أقرب عنده إلى اختياره،