شرائط المعجز
حقيقة المعجز لغة واصطلاحا
  وقد ذكر | بعد هذه الجملة، أنه تعالى إذا بعث إلينا رسولا ليعرفنا المصالح، فلا بد من أن يدعي النبوة، ويظهر عليه العلم المعجز الدال على صدقه عقيب دعواه للنبوة، وذلك يقتضي أن نبين حقيقة المعجز أولا.
  اعلم أن المعجز هو من يعجز الغير، كما أن المقدر هو من يقدر الغير، هذا في اللغة.
  وأما في المصطلح عليه، فهو الفعل الذي يدل على صدق المدعي للنبوة، وشبهه بأصل اللغة، هو أن البشر يعجزون عن الإتيان بما هذا سبيله فصار كأنه أعجزهم.
شرائط المعجز
  إذا ثبت هذا، فالفعل لا يدل على صدق المدعي للنبوة، إلا إذا كان على أوصاف وشرائط:
  أحدها: أن يكون من جهة اللّه تعالى أو في الحكم كأنه من جهته جل وعز، وإنما قلنا هذا هكذا، لأن المعجز ينقسم إلى ما لا يدخل جنسه تحت مقدور القدر، كإحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص، وقلب العصا حية، وما شاكل، وإلى ما يدخل جنسه تحت مقدور القدر وذلك نحو قلب المدن ونقل الجبال إلى أشباهه وحنين الجذع وما جرى مجراه، والقرآن من هذا القبيل، فإن جنسه وهو الصوت داخل تحت مقدور القدر، ولهذا فإنا لو خلينا وقضية العقل كنا نجوز أن يكون من جهة الرسول #، أعطاه اللّه تعالى زيادة علم أمكنه معه الإتيان به، فصح أن المعجز ليس من شأنه كونه من جهة اللّه تعالى، بل إذا جرى في الحكم كأنه من جهته تعالى كفى، وعلى كل حال، فلا بد من أن يكون جاريا في الحكم مجرى فعل اللّه ليصح كونه دلالة دالة على صدق من ظهر عليه، وإلا، فلو لم يجر هذا المجرى لم يكن نسبته إلى صدق من ظهر عليه، إلا كنسبته إلى كذبه.
  والثاني: أن يكون واقعا عقيب دعوى المدعي للنبوة، لأنه لو تقدم الدعوى لم تتعلق به، فلا يكون بالدلالة على صدقه أحق منه بالدلالة على صدق غيره، وبهذه الطريقة منعنا من تقديم المعجز على ما جوزه شيخنا أبو القاسم، وكذلك فلو تراخى عنه لم يتعلق به، فلا يكون بالدلالة على صدقه أحق منه بالدلالة على صدق غيره، إلا أنه إذا ثبت صدق المدعي للنبوة بمعجز وتراخى عن دعواه معجز آخر جاز، وعلى