شرح الأصول الخمسة،

أحمد بن الحسين مانكديم (المتوفى: 420 هـ)

الصراط:

صفحة 498 - الجزء 1

  وأما المسألة، فمما يجب اعتقاده أيضا، فقد قال تعالى: {فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ٩٢} وقال: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ} وقال: {لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ}⁣[الأحزاب: ٨] إلى غير ذلك.

  والفائدة في ذلك كالفائدة في نظائره، مما تقدم.

  وأما نشر الصحف، فقد نطق به القرآن قال اللّه تعالى: {وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ١٠}⁣[التكوير: ١٠].

نطق الجوارح:

  وأما نطق الجوارح فقد دل عليه قوله تعالى: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ ٢٤}⁣[النور: ٧٤] وقوله: {أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ}⁣[فصلت: ٢٢] وذلك يكون على وجهين: إما أن يتولى اللّه تعالى خلق الكلام في جوارحه فتشهد عليه، وإما أن يجعل كل عضو من أعضائه حيا بانفراده فيشهد عليه، وإن كان شيخنا أبو هاشم قد استبعد هذا الوجه ومال إلى الوجه الأول، وقال: إن الذي تقتضيه هذه الآية ليس إلا شهادة جوارحه عليه، ولو صار كل عضو من أعضائه حيا بانفراده لم يكن سمعه ولا بصره، اللهم إلا أن يقال أراد بقوله يشهد عليهم سمعهم، أي ما كان سمعا لهم من قبل، وذلك على الأحوال كلها عدول عن ظاهر كلام اللّه تعالى، فلا وجه له مع إمكان أن يجري على ظاهره.

الصراط:

  ومن جملة ما يجب الإقرار به واعتقاده، الصراط، وهو طريق بين الجنة والنار يتسع على أهل الجنة ويضيق على أهل النار إذا راموا المرور عليه، وقد دل عليه القرآن، قال اللّه تعالى: {اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ٦}.

  فلسنا نقول في الصراط ما يقوله الحشوية، من أن ذلك أدق من الشعر وأحد من السيف، وأن المكلفين يكلفون اجتيازه والمرور به، فمن اجتازه فهو من أهل الجنة، ومن لم يمكنه ذلك فهو من أهل النار، فإن تلك الدار ليست هي بدار تكليف، حتى يصح إيلام المؤمن وتكليفه المرور على ما هذا سبيله في الدقة والحدة، وأيضا فقد ذكرنا أن الصراط هو الطريق، وما وصفوه ليس من الطريق بسبيل، ففسد كلامهم فيه.

  وقد حكي في الكتاب عن كثير من مشايخنا أن الصراط إنما هو الأدلة الدالة على