شرح الأصول الخمسة،

أحمد بن الحسين مانكديم (المتوفى: 420 هـ)

شبه المخالفين:

صفحة 302 - الجزء 1

  اللّه تعالى مريدا بإرادة معدومة، لجاز أن يكون كارها بكراهة معدومة، وهذا يوجب أن يكون مريدا للشيء كارها له دفعة واحدة، وهذا محال.

  فإن قيل: لم لا يجوز أن يكون مريدا لا لذاته ولا لمعنى؟ قلنا: لأنه لو كان كذلك لوجب أن يكون مريدا لسائر المرادات، كما في كونه مدركا فإنه تعالى لما استحق هذه الصفة لا لذاته ولا لمعنى لم يختص ببعض المدركات دون البعض، وقد بينا أنه تعالى لا يجوز أن يكون مريدا لسائر المرادات عند الكلام على النجارية، فثبت بهذه الجملة أنه تعالى لا يجوز أن يستحق هذه الصفة لذاته ولا لما هو عليه في ذاته ولا لمعنى قديم، فلم يبق إلا أن يستحقها لمعنى محدث وهو الإرادة على ما نقوله.

  ثم إن تلك الإرادة لا تخلو، إما أن تكون حالة في ذات القديم تعالى، أو في غيره، أو لا في محل.

  لا يجوز أن تكون حالة في ذاته تعالى وإلا كان يجب أن يكون محلا للحوادث، وذلك يقتضي تحيزه وكونه محدثا، وقد ثبت قدمه.

  وإذا كان حالا في غيره، فذلك الغير لا يخلو: إما أن يكون حيا أو جمادا، لا يجوز أن يكون حالا في الحي وإلا كان بإيجاب الحكم له أولى، ولا أن يكون حالا في الجماد، إذ لو صح حلولها في الجماد لصح حلولها في بدن الحي أيضا، لأنه ما من عرض من الأعراض يصح حلوله في الجماد إلا ويصح حلوله في الحي، وإن كان فيما يوجد في الحي ما لا يصح حلوله في الجماد فكان يجب صحة أن توجد الإرادة في يد الواحد منا مثلا، حتى يجد في بعض الحالات هذه الصفة كأنها من ناحية يده، والمعلوم خلافه فليس إلا أن الإرادة موجودة لا في محل.

شبه المخالفين:

  وللمخالف في هذا الباب شبه، وشبههم نوعان:

  أحدهما: يشترك فيه كلا الفريقين، والآخر يتعلق به أحد الفريقين دون الآخر.

شبه يشترك فيها الفريقان:

  فالأول، نحو قولهم: لو كان اللّه تعالى مريدا بإرادة محدثة، لكان لا يخلو حال تلك الإرادة من أحد وجوه: