شبه الخوارج:
  بالمنافع الدينية.
  أما الدعاء في المنافع الدنيوية فلا يجب اعتبار شيء من هذه الأشياء التي اعتبرناها، بل يجوز ذلك للمؤمن والفاسق والكافر جميعا، فهذا الدعاء للغير.
  وأما الدعاء على الغير، فإنه تعول فيه القسمة التي ذكرناها في الدعاء للغير، فإن الداعي إما أن يقطع على استحقاقه لما يدعو عليه، فيحسن منه الدعاء عليه فلا يحتاج هاهنا إلى دلالة يقطع لمكانها على أنه مستحق له، فإن ذلك مما يمكن معرفته بالمشاهدة، وذلك كأن يشاهده يشرب الخمر أو يزني أو يقذف أو يسرق إلى غير ذلك، بخلاف الأول، فإن كون الغير مستحقا للثواب والرحمة لا يعرف بمثل هذه الطريقة، فمن المجوز أن يكون المرء مع تمسكه بمكارم الأخلاق، واشتغاله بهذه العبادات غير نقي الجيب، ولا مأمون العيب، وإما أن لا يقطع على ذلك بل يجوز استحقاقه للعقاب ويجوز خلافه، وذلك بأن يكون قد شاهده مرة يشرب الخمر أو يسرق أو يزني أو يقذف إنسانا، ثم غاب عنه أو لم يدر هل تاب أم لم يتب، فيحسن أيضا والحال ما ذكرناه لعنه والدعاء عليه، ويكون مشروطا بالاستحقاق، ولا يجب النطق بهذه الشريطة، فهي في الحكم كأنه منطوق بها.
  وقد أردف | هذه الجملة بذكر اللعنة وكان الأليق بهذه الكلمة أن تذكر مع أخواتها من الذم والاستحقاق وما جرى هذا المجرى، ونحن فقد ذكرنا حقيقة الطرد واستشهدنا له بيتا، وهو:
  ذعرت به القطا ونفيت عنه ... مكان الذئب كالرجل اللعين
  وفي الجملة، إنه لا يستعمل في الطرد عن كل خير بل عن خير مخصوص وهو الثواب، ولهذا لا يقال فيمن حرم مالا وولدا أو لم يرزق أحدا منهما أنه ملعون، فهو إذن أخص من الذم والذم أعم منه وأوسع، فإنه يستعمل في كل ضرر سواء كان من مضار الدين أو الدنيا، فعلى هذا يجري الكلام في ذلك.
شبه الخوارج:
  وللخوارج في هذا الباب شبه، منها، قولهم: إن الكافر إنما سمي كافرا لأنه ترك الواجبات وأقدم على المقبحات وهذه حال الفاسق، فيجب أن يسمى كافرا.
  وجوابنا، أنا لا نسلم أن الكافر إنما سمي كافرا لإخلاله بالواجبات وإقدامه على