شرح الأصول الخمسة،

أحمد بن الحسين مانكديم (المتوفى: 420 هـ)

فصل في الاستطاعة:

صفحة 262 - الجزء 1

  نجيب عن قوله إذا قال: كما لا يجوز أن نعلق معلول العلة بالفاعل لوجوبه عند وجود العلة، كذلك في مسألتنا، فإنا قد ذكرنا أن وجود المسبب لا يجب عند حصول السبب، فإنه لا يمتنع أن يعرض عارض فيمنعه من التوليد، وليس كذلك معلول العلة فإنه يجب عند وجود العلة، حتى يستحيل مع وجودها أن لا يثبت، ففارق أحدهما الآخر.

  يبين ذلك، أن ذات المسبب ذات منفصلة عن السبب، حادثة كهو. فكما أن السبب يضاف إلى الفاعل فكذلك المسبب، فيجب أن تستوي الحوادث في كونها مضافة إلى الفاعل، وإن كانت تختلف كيفية الإضافة، ففيها ما يتعلق به بلا واسطة كالمبتدإ، وفيها ما لا يتعلق به إلا بواسطة وهو المتولد. فهذا تمام الكلام في المتولدات، وهذا آخر الفصل.

فصل في الاستطاعة:

  وهو الكلام في أن القدرة متقدمة لمقدورها غير مقارنة له.

  ووجه اتصاله بباب العدل، أنه يلزم على القول بمقارنتها للمقدور تكليف ما لا يطاق، وذلك قبيح، ومن العدل أن لا يفعل القبيح.

المقدورات نوعان:

  ١. مبتدأ كالإرادة ٢. متولد كالصوت:

  فإذا عرفت هذا، فاعلم أن المقدورات على ضربين: مبتدأ كالإرادة، ومتولد كالصوت.

  فالمبتدأ يجب أن تكون القدرة متقدمة عليه بوقت، ثم في الثاني يصح منه فعله.

  والمتولد على ضربين:

  أحدهما: يتراخى عن سببه كالإصابة مع الرمي.

  الثاني: لا يتراخى كالمجاورة مع التأليف.