شرح الأصول الخمسة،

أحمد بن الحسين مانكديم (المتوفى: 420 هـ)

كيف يعلم غير العرب إعجاز القرآن.

صفحة 402 - الجزء 1

  وجوابنا، أول ما في هذا، أن الهواء لو استحال طعاما على يديه لكان لا بد من أن يكون معجزا له فلا يقدح ذلك فيما قلناه.

  وبعد فإن الهواء شيء لطيف، فكيف يستحيل إلى ما يشبع منه العدد الكبير.

  وأيضا، فلو استحال الهواء هناك حطاما لكان يجب أن يستحيل طعاما في سائر المواضع، ومعلوم خلافه.

  ومن الضرب الأول أيضا، إجابة الشجرة له حين دعاها، وعودها إلى مكانهما، ولا شك في كون ما هذا حاله معجزا دالا على صدق من ظهر عليه.

  فإن قالوا: ما أنكرتم أنه كان معه جاذب؟

  قلنا: فبأي طريق عادت إلى مكانها؟

  فإن قالوا: وكان معه دافع أيضا؟

  قلنا: لو كان كذلك، لكان يجب أن يرى الناس ذلك مع شدة حرصهم على التفحيص عن حاله.

  وبعد، فإن الجاذب والدافع إذا اجتمعا كان يجب أن تقف الشجرة ولا تتحرك من مكانها.

  ومن الضرب الأول أيضا، حنين الجذع، فإن النبي كان يخطب على جذع قبل أن ينصب له المنبر، فلما أن نصب له المنبر تحول إلى المنبر، فحن الجذع حنين الناقة إلى ولدها، ولم يسكنها حتى احتضنه النبي فسكن.

  فإن قالوا: ما أنكرتم أنه كان في الجذع خروق تتخرق الريح فيه، فيسمع منه ذلك الصوت شبيها بالحنين؟

  قلنا: لو كان كذلك لكان يجب أن يسمع قبل ذلك أو بعده، ومعلوم أن ذلك لم يكن يسمع إلا في الحال الذي قلناه.

  ومن الضرب الأول، تسبيح الحصى في يده، فإن ذلك غير مقدور للقادرين بالقدرة. وفي معجزاته # كثرة لو تكلمنا على جميعها لطال الكلام.

  وقد ذكر | بعد هذه الجملة، أنه تعالى كما جعل القرآن معجزا دالا على نبوة محمد ، فقد جعله دليلا لنا على الأحكام، وأوجب علينا الرجوع إليه في