شرح الأصول الخمسة،

أحمد بن الحسين مانكديم (المتوفى: 420 هـ)

فصل

صفحة 410 - الجزء 1

  تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} على قوله: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١} وقوله: {وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} إلى قوله: {وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦} وهكذا الحال في غيرهما من الآيات المتشابهة والمحكمة.

  فهذا هو الذي يجب أن يكون عليه المفسر من الأوصاف.

  وأما من عداه من المكلفين، فالذي يلزمه في القرآن أن يعتقد أنه كلام رب العزة على ما قاله جل وعز: {وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} وأن محكمه يوافق متشابهه، وأنه لا تناقض فيه ولا كذب، وأنه محروس عن المطاعن، لا زيادة فيه ولا نقصان، وأن يؤمن به على الجملة.

  إن سأل سائل فقال: أليس من مذهبكم أن القرآن مما يعرف المراد بظاهره، فكيف احتاج والحال ما قلتموه إلى التفسير وهلا دلكم ذلك على ما قاله أصحاب الوقف والروافض، الذين يقولون: إنه مما لا يعلم تأويله ولا المراد بظاهره.

  قيل له: إن احتياج القرآن إلى مفسر بلفظ أوضح منه مما لا يخرجه عن إمكان أن يعرف المراد بظاهره، لولا ذلك وإلا كان لا يمكن المفسر أن يفسره وكان لا يكون التفسير تفسيرا له، فما ذكرتموه غير قادح فيما قلناه. وإنما احتيج إلى تفسير القرآن، لأن دعوة النبي # انتشرت في عالم اللّه تعالى وبلغت العالم ولم تقتصر على العرب، فلم يكن بد من أن نفسر لهم ذلك حتى يمكنهم معرفته، كما أنا إذا أردنا أن نفهم العرب ما نقوله بلساننا فلا يمكننا ذلك إلا بأن نفسره لهم، كذلك هاهنا.

  فهذه جملة الكلام في الأصل الثاني.