المدح:
المدح:
  وأما المدح فمعناه، قول ينبئ عن عظم حال الغير، وينقسم أيضا إلى:
  ما يتبعه الثواب من جهة اللّه تعالى، وما لا يتبعه الثواب.
  وما يتبعه الثواب من جهة اللّه تعالى فإنه لا يستحق إلا على الطاعة، وحقيقة الطاعة قد مر في غير هذا الموضع.
  وأما ما لا يتبعه الثواب، فهو المدح المقابل للنعمة، المستحق، فهذا فهو حقيقة هذه الألفاظ.
الشروط التي تستحق بها الأحكام:
  وأما الكلام في الشروط التي معها تستحق هذه الأحكام، فاعلم: أنا قد ذكرنا أن الذم ينقسم إلى ما يتبعه العقاب من جهة اللّه، وإلى ما لا يتبعه العقاب.
  ما يتبعه العقاب فالشرط في استحقاقه شرطان: أحدهما يرجع إلى الفعل، والآخر يرجع إلى الفاعل. ما يرجع إلى الفعل فهو أن يكون قبيحا، وما يرجع إلى الفاعل، فهو أن يعلم قبحه أو يتمكن من العلم بذلك، ولهذا قلنا: إن الصبي لا يستحق على فعل القبيح الذم لما لم يكن عالما بقبحه، ولا متمكنا من العلم بذلك.
  وقلنا: إن الخارجي يستحق الذم على قتل المسلم وإن كان قد اعتقد أنه حسن، لما كان متمكنا من العلم بقبحه، هذا في الذم الذي يتبعه العقوبة في جهة اللّه تعالى.
  وما لا يتبعه العقوبة من جهة اللّه تعالى فإن الشرط في استحقاقه أيضا شرطان:
  أحدهما يرجع إلى الفعل، وهو أن يكون إساءة، والآخر يرجع إلى الفاعل وهو أن يكون قد قصد بفعلها الإساءة إليه.
  وكما ذكرنا: إن الذم قسمان على ما ذكرنا: فقسم منه يتبعه العقاب، وقسم منه لا يتبعه ذلك. فكذلك المدح أيضا قسمان على ما ذكرنا، فقسم يتبعه الثواب من جهة اللّه تعالى، والشرط في استحقاقه شرطان: أحدهما، يرجع إلى الفعل وهو أن تكون له منفعة زائدة على حسنه، والآخر يرجع إلى الفاعل وهو أن يكون عالما بأن له صفة زائدة على حسنه، فلا بد من اعتبارهما معا كما في الذم، ولهذا قلنا: إلى الصبيان لا يستحقون على أفعالهم المدح، لما لم يعلموا أن لها صفة زائدة على الحسن.
  وأما ما لا يتبعه الثواب من جهة اللّه تعالى، فالشرط فيه أيضا شرطان: أحدهما،