الظروف التي إذا نظر الله تعالى فيها أوصلته إلى العلم بالله
  ما عداها فرع على معرفة اللّه تعالى بتوحيده وعدله، فلو استدللنا بشيء منها على اللّه والحال هذه كنا مستدلين بفرع للشيء على أصله، وذلك لا يجوز.
  بيان هذا؛ أن الكتاب إنما ثبت حجة متى ثبت أنه كلام عدل حكيم لا يكذب ولا يجوز عليه الكذب، وذلك فرع على معرفة اللّه تعالى بتوحيده وعدله؛ وأما السنة فلأنها إنما تكون حجة متى ثبت أنها سنة رسول عدل حكيم وكذا الحال في الإجماع، لأنه إما أن يستند إلى الكتاب في كونه حجة، أو إلى السنة، وكلاهما فرعان على معرفة اللّه تعالى.
الظروف التي إذا نظر اللّه تعالى فيها أوصلته إلى العلم باللّه
  ثم إنه | عاد إلى تعيين الكلام في الطريقة التي إذا نظر الناظر فيها أوصله إلى العلم باللّه تعالى.
  والأصل فيه، أن اللّه تعالى لا يعرف ضرورة، وكل ذات لا تعرف ضرورة فالطريق إليها لا يعدو أحد أمرين: إما أن يكون حكما صادرا عنه، أو فعلا واقعا من قبله.
  والأحكام إنما تصدر عن العلل، واللّه تعالى ليس بعلة، لأنه لو كان كذلك، - ومعلوم أن المعلول لا ينفك عن علته - أدى إلى وجوب ثان معه فيما لم يزل، وسنبين في باب نفي الثاني أنه لا قديم مع اللّه تعالى إن شاء اللّه تعالى، وأيضا فكان يجب أن يكون من قبيل هذه الأعراض والمعلوم خلافه، ولأن الصفة الثابتة المستحقة فيما لم يزل واجبة، والصفة بوجوبها تستغني عن العلة على ما سنبينه في باب الصفات عند الكلام على الكلابية إن شاء اللّه تعالى. فثبت أنه لا يجوز أن يكون الطريق إليه حكما من الأحكام.
أقسام الأفعال
  وبقي أن الطريق إليه إنما هو الأفعال، والأفعال على ضربين: أحدهما يدخل جنسه تحت مقدورنا، والآخر لا يدخل جنسه تحت مقدورنا.
ما لا يدخل تحت مقدورنا
  وما لا يدخل جنسه تحت مقدورنا فثلاثة عشر نوعا: الجواهر، والألوان،