شرح الأصول الخمسة،

أحمد بن الحسين مانكديم (المتوفى: 420 هـ)

لم لا يكون الجسم مجتمعا لوجوده؟

صفحة 58 - الجزء 1

  يكون تأثيره على طريقة التصحيح، وإذا كان تأثيره على طريق الوجوب فلا يخلو، إما أن يكون معدوما أو موجودا، ولا يجوز أن يكون معدوما، فلم يبق إلا أن يكون موجودا على ما نقوله.

  وهذه القسمة مترددة بين النفي والإثبات، كذا أورده قاضي القضاة في «المحيط» وهي أولى من التقاسيم الأخرى التي أوردها المشايخ في الكتب، لأن القسمة إذا لم تتردد بين النفي والإثبات احتملت الزيادة، وكان للخصم أن يشغب فيها.

  واعلم أن التقسيم قد يورد ويكون الغرض به إبطال البعض وتصحيح البعض على ما ذكرناه في هذا الموضع، وقد يورد والغرض به إبطال الكل وذلك مثل ما نقوله في الدلالة على أن اللّه تعالى لا يجوز أن يكون عالما بعلم، وقد يورد والغرض به تصحيح الكل وذلك مثل ما نقوله في الموانع المعقولة عن الرؤية وأنها ستة.

  فإن قيل: لم لا يجوز أن يكون الجسم مجتمعا لذاته، أو لما هو عليه في ذاته؟

  قلنا: لأنه لو كان كذلك لوجب أن يكون مجتمعا أبدا ولا يكون مفترقا أصلا. ولأنه لو كان كذلك لوجب أن يكون كل جزء فيه مجتمعا، لأن صفة الذات ترجع إلى الآحاد والأفراد دون الجمل. ولأنه لو كان كذلك، لوجب إذا افترق أن يكون مفترقا لذاته، وأيضا فكان يؤدي إلى أن يكون مجتمعا على قصدنا مفترقا دفعة واحدة، وذلك محال.

  ولأنه لو كان كذلك لكان يجب أن لا يقف كونه مجتمعا على قصدنا ودواعينا، والمعلوم خلافه ولأنه لو كان كذلك، لوجب في الأجسام كلها أن تكون مجتمعة لأنها متماثلة، والاشتراك في صفة من صفة الذات يوجب الاشتراك في سائر صفات الذات.

لم لا يكون الجسم مجتمعا لوجوده؟

  فإن قلنا: لم لا يجوز أن يكون الجسم مجتمعا لوجوده؟ قلنا: لأنه لو كان كذلك، لوجب أن يكون هو مجتمعا ما دام موجودا وأن لا يفترق أصلا وقد عرفنا خلافه، ولأنه لو كان كذلك، لوجب أن يكون كل جزء منه مجتمعا لأن الوجوب ثابت فيه، وقد علم خلافه. ولأنه لو كان كذلك لوجب إذا افترق أن يكون مفترقا أيضا لوجوده، فيجب أن يكون مجتمعا مفترقا دفعة واحدة وهذا محال.

لم لا يكون الجسم مجتمعا لحدوثه؟

  فإن قيل: لم لا يجوز أن يكون الجسم مجتمعا لحدوثه؟ قلنا: إن أردتم