مجموع فتاوى الإمام المهدي محمد بن القاسم (ع)،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[في الأدب الذي يجعله أهل القرية على من خالف ما اتفقوا عليه]

صفحة 115 - الجزء 1

  أما أولاً: فلأنها توصل إلى الربا وهو محرم، لأن مضمره كمظهره.

  وأما ثانياً: فإن ذلك التعيين لصبرة بسعر زائد نسأ أو حالاً، وصبرة من سعر ناقص حالاً، فهذا التعيين كلا تعيين، إذ لا تأثير للنية في هذا، ولا لنقل ملكه من مكان إلى مكان.

  وأما ثالثها: فمن المعلوم أن صاحب النقد لا يعدل إلى السعر الناقص، وأما الفقير فيضطر إلى الأخذ من السعر الزائد ولا موجب لتلك الزيادة إلا النسأ، فهذه الحيلة باطلة غير مؤثرة في تحليل ما حرم الله، بل هي أعظم من حيلة أصحاب السبت الذين وضعوا الشباك يوم الجمعة وقبضت يوم السبت وأخذوها يوم الأحد، لأنه ربما ظن بعضهم أنه ما اصطاد إلا يوم الأحد فمقتهم الله ولعنهم وسمًاهم الذين اعتدوا في السبت، وأما هذا فهو يعلم الأبله ومن لا تمييز له أنهم ما فعلوا السعرين إلا لأجل الزيادة على المستدين، وكذلك قوله ÷ «لعن الله اليهود نهوا عن أكل شحوم الأنعام فجملوها وباعوها شحماً وأكلوا أثمانها»⁣(⁣١)، فما أشبه الليلة بالبارحة، مصداق قوله ÷ «لتحذُن حذو بني إسرائيل حذو النعل بالنعل حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه»⁣(⁣٢)، نعوذ بالله من ذلك فيجب النهي عن مثل هذا على كل مسلم، وخصوصاً أهل الولايات فيجب عليهم المنع والتأديب عليه، لأنه يفتح على الناس باب الربا من غير مبالاة، وهو من أكبر الكبائر، وقد قال الله فيه {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا} يعني تنتهوا عن الربا {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}⁣[البقرة: ٢٧٩]، وقال تعالى


(١) رواه البخاري (٤/ ٢٠٧)، ومسلم في باب المساقاة باب رقم (١٣) رقم (٧٣)، وسنن ابن ماجة (٣٣٨٣)، وأحمد في مسنده (١/ ٢٥).

(٢) روي بألفاظ مختلفة، رواه البخاري (٤/ ٢٠٦) بلفظ (لتتبعن سنن الذين من قبلكم)، وأحمد (٣/ ٩٤) بلفظ (لتتبعن سنن بني إسرائيل).