مجموع فتاوى الإمام المهدي محمد بن القاسم (ع)،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[حكم الحلق والتقصير في العمرة]

صفحة 134 - الجزء 1

  والمراد أن المُخَرِّجَ أخذ من كلام المجتهد كما يأخذ المجتهدين من الكتاب والسنة، من الأخذ من المفاهيم والشروط والأقيسة، فنسبته حيئنذ إلى مذهب العالم نسبة صحيحة، لأنه لم يجتهد فيه لنفسه، بل للعالم الأول، والذي سمي به مجتهد المذهب، فهو كالراوي ما خرجه عن ذلك العالم، وإن اختلفت التخاريج فكل واحد أخذ بمقدار فهمه، ولهذا كان بعضها أقوى من بعض، ولهذا رجح المتأخرون تقرير سيدنا حسن الشبيبي | لما كانت مآخذه قوية، وأنظاره دقيقة، حتى أقر الموالف والمخالف بموافقة المحز.

  وأما إلحاق تقريره بالحواشي المتأخرة عنه التي لم يقررها ففيه نظر، إلا إذا قد علم موافقته لما قد قرره فيلحق بالرواية بالمعنى دون اللفظ، لأن المحفوظ أن تقرير سيدنا حسن | رواية، ولا يروى عنه إلا ما قال لا غيره، ولهذا صارت طريق المتخرجين أن يقولوا هذا موافق لما قرره سيدنا حسن الشبيبي، لأنه قاله على أنه واحد من جملة المخرجين.

  وأما ما ذكرتموه من دعوى الإجماع على قبول التخريج: فيمكن أن يكون إجماعاً سكوتياً، بمعنى عاملين وقائلين من غير نكير، وهو لا شك في هذا فيما عدا ما صادم النصوص.

  ودليل أقوى من هذا: وهو أن العالم في حق الجاهل بمنزلة الدليل الشرعي من الكتاب والسنة، وهذه المقدمة معلومة بالدليل القطعي، كقوله تعالى {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ٤٣}⁣[النحل: ٤٣]، ومن المعلوم قطعاً أن الجهال يسألون العلماء عن حكم المسألة من لدن رسول الله ÷ إلى زماننا، ويستفتون ببيان حكمها من دون نظر في الدليل، وإذا كان هكذا صحت الرواية عن الميت والغائب، ومن ذلك رواية ما في الكتب الصحيحة، فيجوز للعامي العمل بما قيل له هذا مذهب فلان، والراوي قد يكون أخذه من صريح لفظه، أو من عموم أو مفهوم أو نحوه، وهو بمعنى التخريج.