مجموع فتاوى الإمام المهدي محمد بن القاسم (ع)،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[بيان معنى الأنهضية]

صفحة 161 - الجزء 1

  هنالك إلى آخر السؤال.

  فنقول وبالله التوفيق إلى أقوم طريق: اعلم أنها ما دخلت الشبه والجهل المركب على كثير من المقلدين - بل وبعض أهل التمييز من أهل العلم الذين ليسوا براسخين - إلا من اتباع الظنون، وإلحاق المعلوم بالمظنون، وعدم الأخذ للمباحث العلمية من مواضعها، واقتطافها من أصولها، ومباحثة العلماء الراسخين فيها، وإلا فالله تعالى قد أبان كل شيء وقال {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}⁣[الأنعام: ٣٨].

  وقال الرسول ÷ «ما تركت باباً من أبواب الخير إلا دللتكم عليه، ولا باباً من أبواب الشر إلا حذرتكم عنه»⁣(⁣١).

  وقال فيمن أخذ دينه من غير محله «من أخذ دينه عن أفواه الرجال وقلدهم فيه مالت به الرجال من يمين إلى شمال وكان من دين الله على أعظم زوال، ومن أخذ دينه عن التفكر في آيات الله والتدبر لسنتي زالت الرواسي ولم يزل».

  وقال في العمل بالمشتبه «الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهة، والمؤمنون وقّافون عند الشبهات».

  وهذه العلة هي في أهل التمييز ومن ينتمي إلى العلم أكثر منها في الجهال الصرف، لأنهم أتباع ومتلقون ممن فوقهم في المعرفة، فإذا أفتوهم بما هو على غير وجهه ضلوا وأضلوا.

  ثم نقول: اعلم أن الأنهضية مأخوذة من الأنهض، اسم تفضيل، بمعنى أشد نهوضاً، يعني أنه شارك الأول في النهوض وفاق عليه.

  وأما معناها: فليس ما زعموه من كثرة الأموال والخدم، لأن الله تعالى قد رد هذا في كتابه العزيز في قوله {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ


(١) سنن البيهقي (٧/ ٧٦) رقم (٣٦٥٦٠).