مجموع فتاوى الإمام المهدي محمد بن القاسم (ع)،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[حول قطعية الإمامة وما يترتب عليها]

صفحة 176 - الجزء 1

  الدور، ولهذا قال النبي ÷ لعمه العباس «ظاهرك علينا»، وإن كان لا يجوز قصد الصالح كما قلنا في مسألة الصبيان ونحوهم.

  وأما قوله تعالى {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ ...} إلخ [الفتح: ٢٥]، فإنما أبان في الآية الكريمة عن الحكمة في الإذن له ÷ بصلح الحديبية، مع كون الصلح في الحديبية أصلح من الحرب، بل كان فيه تقوية الإسلام؛ فإذا عرف الإمام الأصلحية فيه وجب.

  وقلتم: إذا علم الإمام أن جنده يطمعون ... إلخ.

  نقول: وهذه راجعة إلى مسألة الحصار، ويقال إن كان قبل المؤاذنة بالحرب فلا يجوز نهب البريء فإن وقع غلطاً وجب التدارك بالرد ونحوه، وأما بعد المؤاذنة فللإمام إلزامهم بأخذ من وجد بأنه عاصي بمخالفة أمر الإمام، والمؤاذنة تفيد المنع، إلا لمن يطلب الشر فيجوز أخذ ماله عقوبة على السكوت بعد المنع، وإن كان الأولى في غير المخالف رد ماله.

  وقلتم: إذا قال أناس من العوام المقلدين .... إلى قوله: فأعرضوا وحاربهم فما حال هذا؟

  نقول: قد تقدمت الإشارة إلى حال هذا، وأن العالم يعمل بعمله ومهما عمل به فذمته برية في الدفع والقصد، والجاهل يتبع من ترجح عنده من العلماء أهل الورع والعلم والعمل، فإن استووا توقف، وفريضة الإمام غير فريضة هذا، فإنه إذا عرف من نفسه الكمال التام جاز له الإكراه والإجبار بل والحرب، لكن إحدى الفئتين مخطئة في نفس الأمر، لأن القطعيات لا تتعارض، ولهذا جعل الله إحدى الفئتين باغية لقوله تعالى {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي}⁣[الحجرات: ٩]، فيجب إمعان النظر لتحري الحق، ولو حَكَّمَ الكل الكتاب والسنة لاهتدوا إلى واضح المحجة، وبانت الشبهة من الحجة، والله أعلم.