[في الأدعية المروية الموهمة للإرجاء ونحوه]
  وبعدله إن أخذ، لأن المفروض أن بعض العمد ملتبس حاله، فأخذ بالأحوط وهو سؤال العفو عن الجميع، وصرح بعدل الله تعالى بكل حال، وبأن أحداً لا يقدر أن يبريء نفسه من كل ذنب صغير أو كبير.
  ويمكن أن يقال إن ذلك الدعاء من باب هضم النفس، والحكم عليها بالخطأ، واستحقاق العقاب لولا عفو الله تعالى وتفضله، كما هي عادة المقربين، وأهل الدرجات العالية من النبيئين والصديقين، ولهذا تجدهم يتضرعون ويتوبون إلى الله تعالى من صغائر الذنوب وحقاراتها، وخطأها ونسيانها، مع أن معاصيهم صغائر؛ فهذا آدم # يقول {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا ...} إلخ [الأعراف: ٢٣]، وهذا موسى # يقول {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي}[القصص: ١٦]، وهذا نبينا ÷ يقول «وما أنا إن لم يتغمدني الله بعفوه» وغير ذلك، وهو من آداب الصالحين الحكم على النفس بالخطأ والضعف، وحقارة الطاعات بجنب نعم الله تعالى، ولهم في ذلك مندوحة، وهو أنه لولا عفو الله ولطفه وتفضله بمثل قبول التوبة، وإصلاح العمل وخلوصه، والتوفيق لما يطابق مراده لهلك ابن آدم، قال الله تعالى لنبيه # {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ٧٤ إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ...} إلخ [الإسراء].
  وجواب آخر: وهو أن يقال: مثل قوله: إن تشأ تعف عنا فبفضلك؛ صحيح محمول على التائب ومن لم يقارف كبيرة، لأن الله تعالى لا يشاء أن يعفو إلا عمن كان بتلك الصفة.
  وكذلك قوله: وإن تشأ تعذبنا فبعدلك، صحيح محمول على من مات على كبيرة لأن الله تعالى لا يشاء أن يعذب إلا من كان كذلك، فهذا ما سنح والله أعلم.
  قال في الأم: كتبه عبد الله أمير المؤمنين المهدي لدين الله رب العالمين غفر الله له ولوالديه وللمؤمنين، آمين آمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.