[حول مسألة الإرجاء]
  كانت الأدلة ظنية فلا ضير على المخالف، ونحن ننزه أفراد أئمة أهل البيت $ أن يخالفوا قطعياً، وحاشاهم؛ فهل هذه إلا مشكلة تحيرنا فيها نرجوا كشفها بالأدلة الواضحة.
  ثم ما روي في أمالي أحمد بن عيسى برواية عيسى بن عبدالله، عن أبيه، عن جده، عن عمر بن علي، عن علي # (من قرأ قل هو الله أحد مائة مرة دبر كل صلاة جاز الصراط يوم القيامة، وهو عن يمينه وشماله ثمانية أذرع، وجبريل آخذ بحجزته، وهو متطلع في النار يميناً وشمالاً، من رأى فيها دخلها بذنب غير شرك أخرجه).
  فهذا مشكل غاية الإشكال، على قواعد الآل، إن قلنا بردّه مع هذا السند لزم التشكيك في جميع أحاديث الكتاب، وهو أعظم معتمدات أئمتنا، وإن قلنا بقبوله ففيه ما فيه، والجواب مطلوب جزيتم خيراً.
  الجواب عن هذا السؤال: أنه لا بد من تقديم بيان أصلين في هذا البحث ليقع البناء عليهما:
  أحدهما: تقرير الحق في هذه المسألة بالدليل إذ الدليل هو المعتمد.
  فيقال: تقرر في الأصول بآيات الإحباط وآيات الوعد والوعيد المشهورة أن فاعل الكبيرة يستحق العقاب الدائم ولو تقدمت له أعمال مثل الجبال، والأدلة في ذلك صريحة مذكورة في مواضعها عموماً وخصوصاً، مثل قوله تعالى {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ٩٣}[النساء]، وغير ذلك مما ورد في الكتاب، وإنما أشرنا إلى طرف من ذلك ووجدنا استثناء التائب صريحاً في كتاب الله تعالى في غير ما آية، فوجب أن يكون من المخصصات سواء كان متصلاً أم منفصلاً.
  وما أطلق من آيات الوعيد وجب حمله على المقيد كما هي القاعدة الأصولية، ولم نجد الاستثناء بقوله إلا أن يعفو الله في شيء من الآيات فلا يصح جعله مخصصاً