ترجمة الإمام المهدي (ع)
  ثم توفي الإمام شرف الدين بالسنارة من أعمال صعدة، في عام (١٣٠٧) هـ، وحمل إلى المدان من الأهنوم فدفن به، وقبره هناك مشهور مزور، والإمام المهدي باق في برط على إمامته، فجدد الدعوة لتبليغ الحجة من لم يكن ملتزماً للإمامة.
  ثم خرج الإمام المنصور بالله محمد بن يحيى حميد الدين من صنعاء إلى السنارة، في خفية من الأتراك لما يظن به من ذلك، قيل إنه بوصية من الإمام شرف الدين أوصى إليه بالخروج والتقلد للإمامة، فوصل السنارة بعد جهد شديد وخوف عظيم، يسير الليل، ثم اجتمع عنده في السنارة الأكثر من علماء الشام واليمن، فوقع بينه وبين من هو ملتزم لإمامة المهدي السدود - أي الإتفاق - على أنه يأخذ الولاية من المهدي، والمهدي يأخذ الولاية منه، ويتعاونا، ويصير إلى المهدي خمس واجبات بلايد صعدة.
  ثم نهض الإمام المنصور للجهاد وحرب الأتراك، فوقع بينه وبين الأتراك من الحروب والوقعات، ما ربما أنه لم يتفق إلا في أيام جده القاسم وأولاده، ولقي عناء عظيماً، وصبراً جسيماً في الجهاد والجلاد، والعزم والهمة والشكيمة في دين الله، وهو بالمحل السامي من الكمال في جميع الشروط المعتبرة، وفي الرياسة والسياسة والكياسة، وسداد الثغور، وإصلاح أمر الجمهور، وله من الدهاء والحزم والصبر ماعجز عنه الأوائل والأواخر، وصار سهمه في كل مكرمة قامر، فزلزل الأتراك من المعاقل والحصون، وأذاقهم من الحروب حتف المنون.
  إلى قوله: وأما الإمام المهدي فإنه بقي مكانه، ولم يحصل له المساق المذكور - أعني خمس الواجب من البلاد - وصار ذلك الشرط نسياً منسياً، وصار ذلك عند الأقصى والأدنى أمراً مهملاً مهمياً. إلى آخر كلامه.
  أوردته هنا كي يعلم الواقف أن أئمة الهدى ليس لهم همٌّ إلا صلاح الدين، ولا ينازعون من أجل الرئاسة والملك، وإنما همهم صلاح الإسلام والمسلمين، كيفما حصل، وعلى يد من وقع، وإنما أبناء هذا الزمان ممن قل علمهم، واشتدت